كان عمرو بن العاص أحد القادة العسكريين وهو عربي مسلم، كان مشهور بسبب قيادته للجيوش الإسلامية من أجل فتح مصر عام 640، كان أحد أصحاب النبي محمد، بعد دخوله للإسلام في سنة 8 هجري أسس الفسطاط وجعلها عاصمة لمصر وبنى مسجد عمرو بن العاص الذي يعتبر أول مسجد في أفريقيا، كان عمرو بن العاص داهية من دهاة العرب وصاحب رأي و فكر وفارس من الفرسان.
من هو عمرو بن العاص؟
هو عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم من بني سهم، يعود نسبه إلى كعب بن لؤي من كنانة، هو قُرشي القبيلة سكن في مكة المكرمة، كان بنو سهم في الجاهلية والإسلام يمتلكون مكانة مرموقة وكانت لهم سمعة طيّبة، حيث كان الناس يحتكمون إليهم عند الخصومات، كما كانت لهم الرئاسة على الأموال التي تأتي إلى آلهتهم.
كان والده العاص بن وائل من التّجار الأغنياء ويُعد من سادات قريش وأصحاب الشرف والرفعة فيها، تولى القضاء في الجاهلية فكسب احترام الناس وتقديرهم، أما أمُّه فهي سلمى ابنة حرملة، كانت تلقب بالنابغة وهي من عنزة، كانت قد سبيت وبيعت في سوق عكاظ ثم بيعت ثانية وثالثة، اشتراها أخيراً العاص بن وائل فأولدها ابنه عمراً، فكان لعمرو إخوة عدّة وأخت واحدة من أمّه.
وُلد عمرو بن العاص في منزل مُترف وكان فصيح اللسان وقوي الحجة والبنية، كما كان ماهراً بالقتال بالسيف وبضروب الفروسية، كان عمرو بن العاص يحب الشعر ويقرضه أحياناً، عمل أول أمره بالتجارة وأكسبه ذلك سعة الأفق ومعرفة الناس، إضافة إلى اطلاعه على أوضاع البلاد التي تاجر معها وأحوالها، وقد أهّله ذلك ليكون رسول قريش مع عبد الله بن أبي ربيعة إلى النجاشي ملك الحبشة، ليطلبا منه طرد المسلمين وإعادتهم إلى مكة.
فقام النجاشي بعمل مقابلة بينهما وبين مسؤول المهاجرين، فحاول عمرو بن العاص أن يقنع النجاشي مرّة أخرى بإخراجهم من بلاده إلا أنّه رفض، حيث رد عليهم بما حملاه من هدايا قريش له، فقد كان للمهمة هذه أثر في نفسه، لما لمسه من المسلمين من إيمان بعقيدتهم ومحبة بعضهم لبعض.
إسلام عمرو بن العاص:
رجع عمرو بن العاص إلى مكة المكرمة حتى يبلغ قريش رفض النجاشي الاستجابة لطلبها بطرد المسلمين من بلاده، ثم بدأ يتتبع أخبار المسلمين في مكة والمدينة، بعد ذلك ذهب إلى الرسول محمد ليسلم على يده، كان برفقته خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة وذلك في السنة الثامنة للهجرة.
قال عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-: “أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص”، فرح الرسول بما تميز به عمرو من ذكاء ومواهب وحسن رأي، فقام بعقد سرية له عرفت باسم سرية ذات السلاسل تتألف من 300 رجل، حيث قام بإرساله لإخضاع قضاعة وتآلف أقارب أم والده لأنّها كانت من قبيلة بَلِيّ وليدعوهم إلى الإسلام، ثم أمدّه الرسول بمئتين من المهاجرين والأنصار، فيهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-.
ذهب إليهم أبا عبيدة بن الجراح فلما وصل المدد رغب عمرو بن العاص في إمارة الجيش، فاستجاب أبو عبيدة لرغبته بسبب خوفه من الفرقة وعملاً بتوجيهات النبي محمد له، ألاّ يختلف مع ابن العاص لئلاّ يؤدي ذلك إلى إضعاف المسلمين وانقسامهم، عرفت هذه الحملة بذات السلاسل لأنّها جرت عند ماء معروف بهذا الاسم.
رجع عمرو بن العاص إلى المدينة المنورة بعد أن وصل للهدف الذي أُرسل من أجله، كان النبي قد أرسله من قبل كذلك في مئة من المسلمين إلى قبيلة هذيل لهدم صنمها المسمى سواع، ثم أمرهُ بالذهاب إلى عُمان لدعوة ولدي الجُلَنْدَى حاكمَي عُمان إلى الإسلام، أقنع عمرو بن العاص أصغر الأخوين باعتناق الإسلام واستعان به لإقناع أخيه الأكبر، فلما عرف الرسول بنجاح مهمته أوكل إليه جمع صدقات عُمان، فبقي في عمله نحو سنتين ثم عاد إلى المدينة عند وفاة الرسول.
قام الخليفة أبو بكر الصديق بجمع 4 ألوية ل4 قادة من أجل تحرير بلاد الشام من الروم، كان أحدهم عمرو بن العاص الذي توجه لتحرير فلسطين، كان الوالي الرومي يدعى أرتيون، فقد دعاه العرب بأرطبون، كان من القادة المشهود لهم بالجرأة والكفاءة، اتخذ من أجنادين مركزاً لقيادته وحشد وحدات كثيرة من الجند في كل من بيت المقدس والرملة وغزة، تخوف عمرو بن العاص من هذه الحشود الكبيرة، فكتب إلى الخليفة عمر حينئذٍ يستشيره بما يفعله.
فردّ عليه الخليفة “لقد رمينا أرطبون الروم بأرطبون العرب” كان يهدف لرفع معنوياته وتشجيعه، بدأت المعركة بين الطرفين ولم تكن القوى المسلمة مكافئة للقوى البيزنطية، مع ذلك فقد استطاع عمرو وجيشه الفوز على الروم، شارك عمرو في معركة اليرموك، كان على ميمنة جيش العرب المسلمين، وأبدى بسالة وشجاعة في أثناء القتال ممّا زاد في شهرته واحترام الجند لقدراته.