معركة وادي سليط الأموية

اقرأ في هذا المقال


متى وقعت معركة وادي سليط

وقعت معركة وادي سليط في عام (854م) في مدينة طليطلة في الأندلس، وتُعتبر هذه المعركة من أمهات المعارك التي سُجلت في تاريخ الأندلس، وكانت بين الأمير الأموي محمد بن عبد الرحمن وثوار طليطلة، ذكر المؤرخ ابن عذاري عن هذه المعركة: “هي من أمهات الوقائع، ولم يعرف بالأندلس قبلها مثلها”

أحداث ما قبل معركة وادي سليط

امتاز عهد عبد الرحمن الأوسط  من عام  (822-852م) في أثناء حكمه للأندلس بالرخاء والأمان والاستقرار، فقد ازدهرت الدولة في جميع المجالات الاقتصادية والزراعية والتجارية، وامتلأت خزينة الدولة وازدادت قوتها، ارتقى المجتمع الأندلسي في عهدة وعاش في تطور وأصبح مثال يُحتذى به من المجتمعات الأخرى فقد كان مجتمعًا أرستقراطيًا وراقيًا ومتطورًا في جميع المجالات، وارتفع شأن قرطبة الإسلامية وامتد نفوذها وقوتها.

توفي الحاكم الأموي عبد الرحمن الأوسط في (24 سبتمبر سنة 852م)، وتولَّى الحكم ابنه محمد بن عبد الرحمن، تاركًا من خلفه دولة مستقرة ومتطورة، إلا أنها لم تسلم من المكائد التي تُهدد أمن واستقرار الدولة الأموية في الأندلس، فقد عانى عبد الرحمن الأوسط من الكثير من الصراعات أثناء حكمه لكنه استطاع الحفاظ على مملكته، فقد واجه العديد من التمردات المحلية وثورات النورمانيِّين ومكائد المسيحيين، وكانت هذه الأحداث صفارة إنذار تهدد استقرار الدولة الأموية، وكان هذا الاستقرار عبارة عن هدنة مؤقتة.

خلف الأمير محمد بن عبد الرحمن ابيه عبدالرحمن الأوسط في الحكم وكان في الثلاثين من عمره، وعُرف عنه الذكاء والفطنة، عقد الأمير الجديد مجلس من أجل مبايعته، استدعى فيه إخوانه والذين كانوا (49) أخ وأعمامه وأقاربه ووجهاء دولته، وبايعوه دون تردد، وتمت مبايعته في المساجد، عندما تولى الخلافة كانت الدولة في أوج لمعانها، وقد هابه ملوك اسبانيا وتقربوا منه وكانوا على معرفة بأنه خليفة لأبيه لا يُستهان به، وطلب منه الكثير من الأعداء الهدنة.

أسباب معركة وادي سليط

عانت الأندلس في عهد محمد بن عبدالرحمن الأوسط من الكثير من المخاطر، وعُرف عن عصره بأنه أخطر عصور تاريخ الدولة الأموية في الأندلس، وماهي إلا أيام قليلة مرت على توليه الحكم حتى بدأ ثورة كبيرة تظهر، والتي عانى منها طوال فترة حكمه، حيث قام مسوقة بن مطرَّف أحد زعماء الخوارج بقيادة الثورة في طليطلة، واشتعلت نار الثورة في المدينة، واستطاع الثوار هزيمة قوات الأمير محمد بن عبد الرحمن.

أحداث معركة وادي سليط

عندما استطاع الثوار في طليطلة هزيمة قوات الأمير محمد بن عبدالرحمن، بدأ الخوارج في قرطبة بمهاجمة القلاع الأخرى وقتلوا الكثير من أهلها، بعد ذلك تيقظ الأمير محمد بن عبد الرحمن بالخطر الذي يهدد قرطبة، عندها قرر الخروج على رأس جيش كبير لكبح جماح الثورة وتلقينهم درسًا لما قاموا به، وكان ذلك في يونيو من عام (854م) وهي تعتبر أول معركة ترأسها بعدما تولى الحكم، جمع قائد الثورة في مدينة طليطلة عدد كبير من المولدين والمسيحيين، وطلبوا العون من ملك نافار وملك ليون، والذين استجابوا لطلبهم وأرسلوا دعمًا كبيرًا.

عندما رأى المسلمون دعم المسيحيين لثورة طليطلة ضد الأمير محمد بن عبدالرحمن، فبدأت جموع المسلمين تنضم لجيش الأمير محمد، وكان من بينهم الكثير من القادة الأشراف، وكان الأمير محمد بن عبد الرحمن ذو فطنة وذكاء فوضع خطة محكمة لهذه المعركة مليئة بالمكائد ليتمكن من أعداءه.

فقد تقدم الأمير محمد مع بعض القوات التابعة له، وأخفى بقيت القوات وراء التلال التي تقع بالقرب من وادي سليط، وعندما شاهده أهل طليطلة مع عدد قليل بدأوا بالهجوم علية وقتاله، وكان يدعمهم حلفائهم المسيحيين، وهم يشعرون بالثقة بأن الانتصار لهم.

رجع الأمير محمد بقواته باتجاه وادي سليط وهو يتظاهر بالهزيمة، وكانت المفاجأة للأعداء بظهور باقي جيشه، والتي هجمت على الثوار وحلفائهم وألحقوا بهم شر هزيمة، فقد قُتل فيها أعدادًا كبيرة من الثوار والمسيحيين، فقد ذُكر في المصادر بأن عدد القتلى من الأعداء (20) ألف وقاموا بأسر عدد كبير ايضًا من بينهم الكثير من القساوسة والذين تم إعدامهم، وكان ذلك في وقت قليل من الصباح حتى الضحى، تم تجميع القتلى وأقيم الأذان فوقهم لصلاة الظهر، واستطاع المسلمون أن يحققوا انتصارًا ساحقًا.

المصدر: محمد عنان: دولة الإسلام في الأندلس، مكتبة الخانجي، القاهرة، الطبعة الرابعةراغب السرجاني: قصة الأندلس من الفتح إلى السقوط، مؤسسة اقرأ، القاهرة، الطبعة الأولى، 1432هـ= 2011مفجر الإسلام: يبحث عن الحياة العقلية في صدر الإسلام إلى آخر الدولة الأموية (الطبعة العاشرة سنة 1969).الدولة الأموية: من الميلاد إلى السقوط (2006). محمد قباني. دار الفاتح - دار وحي القلم.


شارك المقالة: