نظرية التبادل الاجتماعي عند بيتر بلاو

اقرأ في هذا المقال


نظرية التبادل الاجتماعي عند بيتر بلاو:

لقد مثّل مقصود القوة عند بيتر بلاو جزءاً مركزياً في أطروحته التبادلية، لقد أراد بلاو توظيف مقصود القوة في التبادل الاجتماعي في عمله الرئيسي، التبادل والقوة في الحياة الاجتماعية، من أجل اتصال المستوى الاجتماعي الأصغر بالمستوى الإجتماعي الأكبر والتجسير بينهما، لذلك يمكن وصف عمله بأنه تجسيري علمي، ليس اختزالياً ولا كلياً، ويصف بلاو عمله بقوله: إنها محاولة لتقديم حلقة ربط بين دراسة الحياة اليومية كما بيّنت في أعمال جورج زمل وإرفنج جوفمان، والنظريات العامة للمجتمع كتلك التي قدمها ماكس فيبر وبارسونز.
لقد أثار هذا العمل الصعب تحفظات بعض العلماء على إمكانية تحقيقه، فيلاحظ نيقولا تيماشيف: أن معظم تعميمات بلاو المتصلة بالحقائق التي يوردها قد تكون سليمة، ولكن رد العمليات ذات المستوى الأعلى إلى المستوى الأدنى، هي عملية تستحق مزيد من الضبط والإحكام، وبذات الوقت يثبت جوناثان تيرنر، أن بلاو قد فشل في إرشاد القضية التي يدّعي أنها لها أهمية كبيرة في الصفحات الافتتاحية من عمله العظيم، المشكلة هي أن تشتق العمليات الاجتماعية التي تحكم البنيات المعقدة للجماعات والمجتمعات من عمليات أبسط تتخلل التواصل اليومي بين الأفراد وعلاقاتهم الشخصية.
ولكن في الجهة المقابلة، يبيّن إرفنج زايتلن، أن بلاو يصوغ مفهوماته عن العلاقات الاجتماعية المصغرة وواسعة النطاق، فمثلاً قوة عاشق على الآخر ناتجة عن التزاماتها وتعهداتهما غير المتكافئة، وقوة رب العمل على مستخدميه ترجع إلى التحكم القانوني والسيطرة على وسائل الإنتاج، وفي كلا الحالتين يتحكم واحد من الطرفين في إتاحة الخدمات اللازمة للآخر.

يقدم بلاو ثلاث ملاحظات أساسية حول فهمه للقوة:

الملاحظة الأولى: إن القوة تحتوي عملياً فرض الإدارة من قبل فرد أو جماعة على الآخرين، ولذلك فإن القوة تنطوي على تحقيق مصالح شخصية على حساب الآخرين، وليست موجهّة نحو الصالح العام.
الملاحظة الثانية: تحتوي القوة فرض التهديدات المتنوعة بالعقوبة، إذا ما ظهرت المقاومة أو الرفض، وبذلك فإن القوة تحتوي قدراً من فرض الإذعان، ولكنها تتميز عن القهر المادي بعنصر الحرية الذي يتيح فرصة الاختيار بين الخضوع والإذعان أو المعاناة من النتائج.
الملاحظة الثالثة: إن عدم الاتساق هو الخاصية المتأصلة في القوة، ولذلك فهي تتمثل بالاستناد والتبعية من قبل طرف واحد، حيث يدل الاستناد والتأثير المتبادل المتكافئ على فقدان القوة.
يمكن الاستنتاج بأن القوة عند بلاو ذات طبيعة اختزالية سكونية، ولكن على مستوى الممارسة فإن التفاضل يظهر بشكل واضح، والصياغة الدقيقة لبلاو بهذا الخصوص هي إن الذي يتمتع بالقوة يستطيع أن يستخدم قوته في فرض الخضوع والإذعان واستغلال الآخرين، وذلك بإجبارهم على العمل لحساب مصلحته.

المصدر: الإشكاليات التاريخية في علم الاجتماع السياسي، عبد القادر جغلول، 1982.النظرة الارتقائية، محمد الطالبي، 1979.التفكير الاجتماعي نشأته وتطوره، زيدان عبد الباقي، 1972.السببية والحتمية عند ابن خلدون، مها المقدم، 1990.


شارك المقالة: