كيف كانت مواجهة السيدة مريم لأهلها وهي تحمل المسيح عيسى عليه السلام؟

اقرأ في هذا المقال


مواجهة السيدة مريم لأهلها وهي تحمل عيسى عليه السلام:

لقد جاءت مرحلة مواجهة السيدة مريم مع قومها التي أخبر الله تعالى عنها بقوله العزيز:”فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ۖ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّايا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا” مريم:27:28.
لقد أتت مريم إلى قومها وهي تعلم براءة نفسها ونزاهتها، وهي واثقةً من تبرئة الله سبحانه وتعالى لها. فعندما قال لها قومها تلك المقولة، وعجبوا من ذلك وهي من أهل بيت طيبٍ طاهر معروف بالصلاح والزهادة والعبادة. لم تنول هي الإجابة من أجل نفي التهمة عنها، ولكنها أشارت إلى طفلها، وهي تعلم أنه ليس من أهل الكلام حتى يتولى الرد عنها:”فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ۖ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا” مريم:29. ولكن من إيمانها بربها وثقتها به فعلت ذلك فأنطق الله صاحب المهد بِبرائتها ونزاهتها.
فنطق عيسى عليه السلام بعد هذه الإشارة:”قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّاوَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّاوَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّاوَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا“. مريم؛30:33. ومن الملاحظ أن عيسى عليه السلام لم يرد مباشرة على التهمة الموجهة لأمهِ بل إن مضمون كلامه كان فيه رداً قوياً عليهم بما زعموا، فالله تعالى لا يعطي الكتاب، والنبوة لولدٍ من زنى، وأيضاً إضافةً إلى ما وهبهُ الله من الأوصاف الجميلة التي توحي ببركته ونزاهة أمه وطهارتِها وعفتها.

الحكمة من نزول عيسى عليه السلام:

إن ممّا اختص الله به عيسى ابن مريم عليه السلام، دون سائر الأنبياء نزوله إلى الدنيا في آخر الزمان، ومباشرته مهام الدعوة مرةً ثانية، ولكن ترى من ما الحكمة من هذا النزول؟ لقد حاول بعض العلماء معرفة ذلك، وممّا قالوه في هذا الشأن ما يلي:

  • الرد على اليهود في زعمهم أنهم قتلوه، فبين تعالى كذبهم، وأنه الذي يقتلهم.
  • نزوله لدنو أجله ليدفن في الأرض إذ ليس لمخلوقٍ من التراب أن يموت في غيرها.
  • أنه دعا الله لما رأى صفة محمد وأمته أن يجعله منهم فاستجاب الله دعاءه وأبقاه حتى ينزل في آخر الزمان مجدداً لأمر الإسلام فيوافق خروج الدّجال فيقتله.
  • تكذيبه لكل من ادعى إلهيتهُ أو بنوته لله تعالى.
  • إبطال الغلو الذي تمادى فيه أهل الكتاب، كما أخبر عنهم بقوله :”يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ” النساء:171. وبعد أن ذكر ابن حجر الأقوال الثلاثة الأولى قال: الرأي الأول أوجه.

مدة بقاء عيسى عليه السلام في الأرض:

وأما ما يتعلق في مدة بقائه في الأرض بعد النزول فقد روى مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما في مدة بقاء عيسى في الأرض بعد نزوله، أنها سبع سنين. وروى نعيم بن حماد في كتاب الفتن من حديث ابن عباس رضي الله عنه أن عيسى عليه السلام إذ ذاك يتزوج في الأرض، ويقيم بها تسع عشرة سنة، وبإسنادٍ فيه مبهم عن أبي هريرة رضي الله عنه، يقيم بها أربعين سنة.


شارك المقالة: