إنّ الحديثَ النَّبويَّ الشَّريفَ منْ أجَلِّ العلومِ بعدَ القرآنِ الكريم، ولقد كان على الدّوامِ مرجِعاً للفقهاءِ بصِفَتِه وحيٌ إلاهِيُّ في ما كانَ منْه على سبيل التّشريعِ، لذلكَ تسابقَتِ الأمّة الإسلاميَّة بعلمائها إلى تعَلُّمِهِ وروايتِه ليظلَّ محفوظاً على الدّوام، وهيّأ الله تعالى له رجالاً تتابعوا في نقلِهِ كلٌ إلى الجيلِ الّذي يليه، وقد بدأ النقلُ منَ الصّحابة إلى التّابعينَ وما زلْنا في ديارهم نبحث عنْ أسمائهم حتّى وصلنا إلى الرّاوي المُحَدِّثِ أبوبَكرِ بنِ مُحَمَّدِ بن عَمْرُو بنِ حزْمٍ، فتعالوا نقرأ في سيرَتِهِ معَ الحديثِ.
نبذة عن أبي بكر بن محمد
هو: التّابعيُّ الجليلُ، أبو بكرِ بنُ مُحمَّدِ بنِ عَمْرُو بنِ حزْمٍ، من رواة الحديثِ النَّبويِّ الشّريفِ، ولِدَ في المدينَةِ المُنَوَّرَةِ في العامِ السّادسِ والثَّلاثينَ منَ الهجرةِ، وكانّ منَ الفقهاء المحدِّثين في المدينَة، توَلّى إمارةَ المدينَة في عهدِ الأُمَوِيينَ وعاشَ في المدينَةِ حتَّى تَوَفَّاه الله تعالى فيها في العامِ العشرينّ بعدَ المائةِ منَ الهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ يرحمُهُ اللهُ.
روايته للحديث
كانَ أبو بَكْرِ بنِ محمَّدٍ من رواةِ الحديثِ النَّبَوِيِّ وقد روى الحديثّ عنْ كثيرٍ من رواة التّابعينَ منْ أمثالِ: خارجةَ بنِ زيدِ بنِ ثابت وسالم بن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ والقاسم بنِ مُحمّدِ بنِ أبي بكرٍ وأبي سلمة بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ عَوْفٍ وعَمْرَةَ بنتِ عبدِ الرحمنِ خالَتِهِ وغيرهم رحمهم الله، كما روى الحديثَ منْ طريقه كثيرٌ منَ الرّواةِ المُحَدِّثين منْ أمثالِ:ولَدِيْهِ عبدالله ومُحَمَّدٍ وعبدِ الرّحمنِ الأوْزاعِيِّ وعمرو بنِ دينار والزُّهريِّ ابنِ شِهابٍ ويَحيى بنِ سعيدٍ وغيرِهم رحمهم الله، كما كانَ منَ الثِّقاتِ في روايَةِ الحديثِ وحَدِيثُهُ عندَ جماعَةِ الحديثِ.
من رواية أبي بكر بن محمد للحديث
ممّا وَرَدَ منْ روايَةِ الحديثِ النَّبَويِّ الشَّريفِ منْ طَرِيقِ أبي بكرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرُو ما اوْرَدَه الإمامُ مسلمُ بنُ الحَجَّاجِ في صّحيحِه: (( حَدَّثَنا أحْمَدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ يُونُسَ، حدَّثنا زهيرٌ، حدُّنا يَحْيَى بنُ سَعيدٍ، أخْبَرَنِي أَبو بكرِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرو بنِ حَزْمٍ، أنَّ عُمَرَ بنَ عبْدِ العَزيزِ أخْبَرَه، أنَّهُ سَمِعَ أَبا هُرَيْرَةَ يقولُ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهِ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، أوْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلَّى اللهِ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، يقولُ: (منْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أَفْلَسَ، أوْ إِنْسانٍ قّدْ أفْلَسَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ منْ غَيْرِهِ ) من كتاب المُساقاةِ، رقمُ الحديثِ 1559/22 )).