هناك الكثير من المعاملات المالية التي يتعامل بها المسلمون، وتعدّ من حاجيّات البلاد التي لا بدّ من التعامل بها في حياتنا ومعاملاتنا المالية والاقتصادية، لكسب المال وتلبية متطلّبات الحياة، وفي هذا المقال سنتحدّث بإذن الله تعالى عن إحدى المعاملات المالية الإسلامية، التي وضّح الفقهاء كل مايتعلّق بها من أحكام، لتسهيل التعامل بها وهي عقد الصرف، فما معنى الصرف؟ وما حكم التعامل به؟ وما هي الشروط التي يجب الالتزام بها عند التعامل به؟
معنى عقد الصرف وحكمه:
الصرف يعني التبديل، وهو عقد مالي يتضمّن تبادل نقد بنقد، مثل بيع الذهب بالفضة، ويأخذ عقد الصرف أحكام عقد البيع كونه البيع من المعاملات المالية التي تقوم على مبادلة المال بالمال. وحكم عقد الصرف الجواز، فهو من العقود المالية التي يحتاجها الناس في حياتهم ومعاملاتهم، ولتعدّد العملات في العالم، فقد يحتاج الشخص أن يشتري من عملة البلد التي سيسافر إليها، وعليه فإنّ عقد الصرف من العقود المالية الضرورية.
علاقة عقد الصرف بالربا:
إنّ عقد الصرف من العقود المالية التي لها صلة وثيقة بالربا؛ لأنّ أعماله تختلط بأعمال القرض بشكل كبير، حيث أنّ التعامل بالنقود أكثر عرضة للوقوع في الربا من التعامل بالسلع العينية، وتتمثّل مواطن الربا في عقد الصرف فيما يلي:
- تأجيل قبض أحد البدلين أو كليهما: وهنا بيع دين بدين، وهذا من أشكال الربا المحرّم وهو ربا النسيئة، ولا يجوز التعامل به.
- اشتراط الخيار في عقد الصرف: وهذا أيضاً من الأساليب التي تؤدّي إلى ربا النسيئة.
- اشتراط الزيادة في أحد البدلين من الصنف الواحد: وهذا يؤدّي للوقوع في ربا الفضل.
ولذلك كرّه بعض الفقهاء مثل الإمام مالك العمل في مهنة الصرف والصرافة؛ لأنّها من العقود التي يسهل الوقوع في الربا عند التعامل بها، ولذلك يجب على كل من يعمل في مهنة الصرافة أن يتّقي الله تعالى في عمله، وهذا يتطلّب الانتباه والحذر بالمعرفة التامّة لأحكام الصرف خوفاً من الوقوع في الربا.
شروط عقد الصرف:
- التقابض: وهو من أهم شروط عقد الصرف، ويعني قبض كل من البدلين كاملين قبل الافتراق من مجلس العقد.
- التماثل: فيجب تبادل النقود هنا مثلاً بمثل، ولا يجوز التباين في قيمة البدلين، وإن اختلفت الجودة تِبعاً لقاعدة جيّدها ورديئها.
- خلو العقد من الخيار: وهذا من الشروط التي تأتي بالدرجة التالية من الأهمية بعد التقابض، حيث يؤكد وجود شرط التقابض خلو العقد من الخيار، فالخيار في عقد الصرف يمنع ثبوت تملّك أحد البدلين، وهذا ما يخلّ بشرط التقابض.
- خلو العقد من شرط الأجل: وهذا أيضاً مقامه الشرط الأوّل، فاشتراط الأجل يمنع التقابض، فيفسد عقد الصرف في هذه الحالة.