يقوم النظام المالي الإسلامي على الابتكار والاجتهاد، والبحث عن الحلول للعوائق والتحديات التي تواجه المؤسسات المالية الإسلامية، والسوق المالية الإسلامية، للقدرة على الاستمرار في تقديم الخدمات وأداء العمل بصورة أفضل، ولكن يتم العمل على ذلك من خلال اتّباع أساليب الهندسة المالية المعتمدة على مجموعة من الأسس، التي سيتم الحديث عنها في هذا المقال.
الأسس العامة للهندسة المالية الإسلامية:
- تحريم الربا: بما أنّ الربا من التعاملات المحرّمة في جميع الأديان السماوية، فهو من الموضوعات المؤصّلة في الفقه الإسلامي، ولا مجال للنقاش به فهو محرّم تحريماً قطعياً، واعتماداً على ذلك فإنّ تحريم الربا من أسس الهندسة المالية الإسلامية، كونها مبنية على السلامة والمصداقية الشرعية.
- حرية التعاقد: وذلك يعني إطلاق حُرية الناس في اختيار العقود التي يرغبون بها، واشتراط ما يُناسبهم من الشروط، مع ضرورة عدم اشتمال عقودهم على أي أمر منهي عنه في المعاملات المالية الإسلامية.
- التيسير ورفع الحرج: تقوم الهندسة المالية الإسلامية على أساس رفع الحرج والمشقّة عن الناس والبعد عن كل ما يمكن أن يُضيّق عليهم، فيما لا يُخالف الأحكام الشرعية الإسلامية.
- الاستحسان والاستصلاح: والاستحسان هو الاجتهاد في قبول الحكم المناسب للمعاملاات المالية فيما يُحقق مصلحة الجميع، مقابل عدم ورود نص شرعي يُخالفه، ويتم الرجوع بمثل هذه الأحكام إلى الأصل العام في المعاملات المالية التابعة للنظام المالي الإسلامي.
ويتضمّن الاستصلاح مفهوم الاستحسان، ولكن بشمولية أكبر، حيث تختلف أحكامه باختلاف البلدان والأقوام، واختلاف الأفراد، ومن الممكن أن تختلف باختلاف ظروف الشخص الواحد وأحواله، وهنا يجب المحافظة على مقصود الشارع خوفاُ من الوقوع في الحرام، بسبب كثرة الأحكام المختلفة فقد تكون مرة حلالاً ومرة حراماً. - التحذير من بيعتين في بيعة واحدة: وتعتبر هذه القاعدة من أهم الأسس التي تعتمد عليها الهندسة المالية الإسلامية، تبعاً لأحكام الشريعة الإسلامية، كونها من القواعد التي تضمن سلامة المعاملات الشرعية وكفاءتها الاقتصادية.
ونعني ببعيتين في بيعة واحدة، أن يتضمّن عقد البيع بيعة أخرى بين نفس الطرفين، وهي من المعاملات المحرّمة، والتي نهى عنها النبي محمد عليه الصلاة والسلام في السنة النبوية الشريفة.
الأسس الخاصة للهندسة المالية الإسلامية:
- الوعي بالسوق والإفصاح: بما أنّ الهندسة المالية تهدف لتلبية احتياجات السوق والعملاء الاقتصاديين، يجب على مَن يقوم بعمليات الابتكار والتطوير، أن يكون عالماً باحتياجات السوق، وعلى خبرة بالأمور التي تؤدّي إلى إرضاء جميع الأطراف المتعاملين، وهذا ما يُسمّى بالوعي بالسوق.
أمّا الإفصاح فيُقصد به بيان المعاملات الناتجة من الابتكارات والتطوّرات، لمواجهة التلاعب في استخدامها لتحقيق أهداف غير مخطط لها بالأصل، مع التأكيد على المصداقية الشرعية لأساليب الهندسة المالية الإسلامية، التي تُعد صمّام الأمان للنظام المالي الإسلامي والمعاملات المالية التي نتجت عن الهندسة المالية. - المقدرة والالتزام: أي وجود قدرة مالية بتوفّر رأس مال، للتمكّن من البيع والشراء، مقابل الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية. ومن الممكن أن تشترك الهندسة المالية الإسلامية، بالإفصاح والمقدرة، مع الهندسة المالية التقليدية، ولكن مع ضرورة الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية، لأنّ ذلك من الأساسيات الخاصة بالهندسة المالية الإسلامية.