اقرأ في هذا المقال
المراد بالنسخ من حيث رفع الحكم في القرآن أو التلاوة أو رفعهما معاً، وقد قسّمه العلماء إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول: هو نسخ التلاوة معاً، وذلك بأن يتم إبطال العمل بالحكم الثابت في النص، إلى جانب حذف النص من القرآن، وعدم إعطائه حكم التلاوة من حيث صحّة الصلاة به والتعبد بتلاوته، ولذلك إنّ عدم إثباته في المصحف حين جمع القرآن.
ومثال ذلك: ما رواه الإمام مسلم ومعه أصحاب السّنن الأربعة عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن: ” عشر رضعات معلومات يحرمن، فُنسخن بخمس معلومات، فتوفي النّبي صلى الله عليه وسلّم وهنّ فيما يقرأ من القرآن”
الواضح في هذه الرواية أنّ الحكم، وهوالتحريم بعشر رضعات معلومات، منسوخ، وكذلك هذه الآية منسوخة التلاوة، ولذا لم يكتبها الصّحابة الكرام رضي الله عنهم في المصحف حين جمعوا القرآن.
والمراد بقول السيدة عائشة رضي الله عنها (وهنّ ممّا يقرأ من القرآن ) أنّ التلاوة قد نُسخت ولم يبلغ ذلك كل الناس إلى وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فتوفي النبي صلى اله عليه وسلم وبعض الناس يقرؤها.
القسم الثاني: نسخ الحكم فقط وبقاء التلاوة، أي إنّه يتم إبطال العمل بالحكم الثابت بالنص، مع بقاء النص ممّا يتُلى من القرآن ويتعبد بتلاوته، ويثبت في المصحف.
وهناك مثال على هذا النوع قوله تعالى ﴿وَٱلَّذِینَ یُتَوَفَّوۡنَ مِنكُمۡ وَیَذَرُونَ أَزۡوَ ٰجࣰا وَصِیَّةࣰ لِّأَزۡوَ ٰجِهِم مَّتَـٰعًا إِلَى ٱلۡحَوۡلِ غَیۡرَ إِخۡرَاجࣲۚ فَإِنۡ خَرَجۡنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡكُمۡ فِی مَا فَعَلۡنَ فِیۤ أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعۡرُوفࣲۗ وَٱللَّهُ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ﴾ [البقرة ٢٤٠]
فإنّ هذه الآية مثبتة في كتاب الله تعالى،وتلاوتها متواترة على أنّها قرآن بتلاوتها ويجوزالصلاة بها، مع أنّ الحكم الثابت بها، وهو وجوب التربّص حولاً كاملاً لمن توفي عنها زوجها، منسوخ عند قوله تعالى ﴿وَٱلَّذِینَ یُتَوَفَّوۡنَ مِنكُمۡ وَیَذَرُونَ أَزۡوَ ٰجࣰا یَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرۡبَعَةَ أَشۡهُرࣲ وَعَشۡرࣰاۖ فَإِذَا بَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡكُمۡ فِیمَا فَعَلۡنَ فِیۤ أَنفُسِهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ﴾ [البقرة ٢٣٤] فقد أوجبت الآية على المتوفى عنها زوجها أن تعتدّ أربعة أشهر وعشرة أيام، وقد ثبت أنّها متأخرة بالنزول عن الأولى، فدلّ ذلك على أنّ حكم الأولى منسوخ، مع بقاء التلاوة.
القسم الثالث :
نسخ التلاوة مع بقاء الحكم، أي أنّ الحكم الثّابت بالنّص يبقى العملُ به كذلك ثابتاً ومستمراً.