إجراءات الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في ممتلكات يهود خيبر:
لقد قام الفقهاء والعلماء بربط شكل الإدارة الإسلامية للأراضي التي تمَّ فتحها بطبيعة الفتح، إن كانت تلك الأراضي صـلحاً بدون حدوث أي قتال، فحينها تعتبر أنّها ليست فيئ أي أنّها لم نكن ملكاً عاماً لجميع للمسلمين رضوان الله عليهم، أو أنَّ هذه الأراضي هي عنوة بحدوث قتال وحرب، فهي حينها تعتبر فيء تعود ملكية تلك الأرض للأمة الإسلامية عامة.
ولقد انقسم الفقهاء والعلماء في موضوع موقفهم من أرض العنـوه، فهناك قسـم من الفقهاء قد رأى أن يتم قسـمتها بـين
الفاتحين وذلك مثلما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في خيبر، وهناك قسم من الفقهاء قد رأى أن يتم وقفها ( أي حبسها) على الأمة الإسلامية مثلما فعل الصحابي الجليل عمر بـن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه وذلك بأراضي البلاد المفتوحة في أيام توليه خلافة المسلمين حينها.
وقد ردَّد العديد من الفاتحين وبعض من كبار الصحابة الكرام رضوان الله عليهم وأرضاهم، الذين قد شاركوا في العديد من الفتوحات ومنها فتح العراق والشـام ومصـر أيضاً، عبارة قالوها للصحابي الجليل سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحثونه على أن يقسم الأراضي فيما بينهم، وذلك عندما قرَّر الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يتم وقفها على الأمة الإسلامية، وذلك كونهم قد فتحوها من الخلال القتال، فقد اعتبروها حينها غنيمة لهم قائلين: “أتقف ما أفاء الله علينا بأسيافنا ورماحنا على قوم لم يحضروا ولم يشهدوا، أقسمه كما قسّم رسول الله خيبر”.
بهذا قد عدَ الفاتحون حالة خيبر وما قام به النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم من إجراءات فيها حجة لهم في موقفهم تجاه الأراضي التي تم فتحها من خلال القتال، وبذالك فإن القيام بدراسة حالة ما تم في خيبر مهم جداً وذلك للتعرف علـى البعـض من جوانـب الإدارة في الدولة الإسلامية وجوانب تطورها في صدر دين الله الإسلام .
وقد تناول العديد من الفقهاء ومنهم ابن عباس القرشي المدني إجراءات الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في ممتلكات يهود خيبر، فقد أشار إلى أنَّ النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قام بفتحها وذلك بعد أن قام بمحاصرة سكانها اليهود الذين استسلموا وقام بالسيطرة على أرضهم.
وقد اشترط رسول الله صلى الله عليهم أن له الأرض، لكنَّ النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قد ترك اليهود على أرضهم وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر بكل أراضيها ونخلها إلى أهلها بالمقاسمة على النصف، وفي رواية أخرى يقول: “فقال أهل خيبر للرسول :نحن أعلـم بـالأرض منكم فأعطيناها على أنَّ لكم نصف الثمر ولنا نصف .
وقد أضاف ابن عباس وقوع ذلك الاتفاق ومؤكداً عليه بأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرسل إليهم في كل عام وذلك قبيل نضوج الغلات الصحابي الجليل عبد الله ابن رواحه رضي الله عنه وأرضاه وذلك حتى يخرص عليهم الثمار.
كما أنَّ ابن عباس قد تناول ما قام به النبي الكريم محمد صلى عليه وسلم من إجراءات قسمة لأراضي يهود خيبر سهمين وذلك بين الفاتحين وبين بعـض من المسلمين ممَّن لم يشهدوا ذلك الفتح، فقال: “قسمت خيبر على ألف سهم وخمسـمائة وثمـانين سـهماً، والذين شهدوا الحديبية ألف وخمسمائة وأربعون رجلاً، والذين كانوا مع جعفر بأرض الحبشـة أربعون رجلاً، وكان معهم يومئذ مائتي فرس، فأسهم للفرس سهمين ولصاحبه سهماً”.
ولكن على الرّغم من عدم وجود أي توافق وذلك في عدد تلك الأسهم بين مجموعها التي أظهرتها تلك الرواية والبالغة عدد 1580 سهماً وبين مجموعها الحقيقي الذي يبلغ 1980 إلا أن العالم ابن عباس قد أكد على قسمة قسمة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأراضي يهود خيبـر سهماناً، وذلك الأمر يشعرنا بأنَّ الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قد جعل الأراضي هي غنيمة، على الرغم من أنّ ابن عباس قد سكت على أن يصرح بأنَّ تلك الأراضي كانت تعتبر غنيمة أو كانت فيئاً، وهذه هي الإجراءات التي قام بها الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم تجاه ممتلكات وأراضي يهود خيبر.