لقد كانت لطبقة التّابعين بعلمائها وروايتها للحديث النّبويّ الشّريف بصمة واضحة المعالمِ في اتّصال سند الحديث النّبويّ وانتقاله إلى الأجيال من بعدهم، وقد كانت فاتحةً لتدوين الحديث النّبويّ الشّريف وذلك لظهور الحاجة إلى ذلك لمخاوفهم من فقدانه بذهاب من أخذوه من النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من الصّحابة بالموت والانتقال للأمصار الإسلاميّة البعيدة، وظهر في هذة الطبقة علماء كانت لهم سِيَرهم المشرِّفة في تاريخ الحديث ومنهم: النُعمان بن أبي عيّاش نترُكُكُم مع سيرته في الحديث.
نبذة عن ابن أبي عياش
هو: التّابعي الجليل، المحدّث، النّعمانُ بن عُبيد بن معاوية بن الصّامت الزّرقيُّ والّذي يعرف بالنّعمانِ بن أبي عيّاش، من الّذين صحبوا صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ورووْا عنهم الحديث النّبويّ، ووالده من الصّحابة رضوان الله عليهم، سكن المدينة المنوّرة، وكان من علمائها المعدودين من شيوخ التّابعين.
روايته للحديث
كان النّعمان بن أبي عيّاش من التابعين الّذين أخذوا الحديث ورووه عن الصّحابة الأجلاء كعبدالله بن الفاروقِ عمر وأبي سعيدٍ الخُدْريّ وجابر بن عبدالله وهم من المكْثِرين للحديث رضي الله عنهم جميعاً، كما رُويَ من طريقه الحديث من كثير من التّابعين ومن بَعدَهم كسُهيل بن أبي صالح وعبدالله بن دينار ومحمّد بن زيد ومحمّد بن عَجلان ويحيى بن سعيد وغيرهم رحمهم الله ، كما كان من الثّقات في الرّواية عند أهل الحديث وروى عنه الجماعة.
من رواية النّعمان للحديث
ممَّا ورد من رواية الحديث من طريق النّعمان بن أبي عيّاش ما أورده الإمام مسلم في صحيحه: (( حدّثنا يعقوبُ عن أبي حازمٍ قال: سمِعتُ سَهلاً يقول: سمعت النّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: (أنا فَرَطُكُمْ على الحوضِ منْ وَردَ شرِبَومن شَرِبَ لمْ يَظمأ أَبداً ولْيَرِدَنَّ عليَّ أقوامٌ أعْرِفُهُمْ ويَعرِفونِي ثُمَّ يُحالُ بيْني وبينَهُم )، قال أبو حازم: فسمِعَ النّعمانُ ابنُ أبي عيّاش وأنا أُحَدِّثُهمْ هذا الحديث فقال: هكذا سَمِعْتَ سهلاً يقولُ؟ قال فقلت: نعم.
قال: وأنا أشَْهَدُ على أبي سَعيدٍ الخُدْريُّ لَسَمِعْتُهُ يزيدُ فيقول: ( إنّهم منِّي فيُقالُ: إنّكَ لا تَدْري ما عَمِلوا بعْدَكَ فأقول: سُحْقاً سُحْقاً لمنْ بدّلَ بعدي) من كتاب الفضائل، رقم الحديث2290 )).