لقد هيأ الله لهذة الأمّة رجالًاحفِظوا وحيَهُ ونقلوه إلى الأجيال من بعدهم فكانوا أُمَناء على هذا الوحي من القرآن الكريم والحديث النّبويّ، وأوّلُ من كان لهم الفضل في ذلك صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رُضوان الله عليهم، الطبقة الأولى في إسناد الحديث النّبويّ، ثمّ ما لبثوا إلى أن نَقلوا كلّ شيءٍ حفظوه ووعوْهُ إلى من بعدهم من التّابعين رحِمهم الله تعالى، وقد برز منهم المحدّث والفقيهُ والمفسر، وها نحن وصلنا في سيرَتهم إلى الإمام الزّاهد التّقي محمّد بن المنكدر فتعالوا نقرأ في سيرته.
نبذة عن ابن المنكدر
هو التّابعي الجليل، أبو عبدالله، محمّد بن المنكدر التيْميّ، من مواليد السنة الثلاثين بعد الهجرة، كان ممّن عرف بالزّهد والتقوى، ومن عُرِف بالكرامات والخشية من الله، وكان من ر واة الحديث البكّائين عند روايته، كثير التّصدّقِ والعمل والحجّ، وقال عنه مالك بن أنس أنّه سيد القرّاء، صاحب علم غزير، أمضى حياته بين العلماء والتعلّم ونشر العلم إلى أن توفي رحمه الله في العام الثّلاثين بعد المائة من الهجرة.
روايته للحديث
كان محمّد بن المنكدر من الّذين روو الحديث النّبويّ عن عدد من الصّحابة الكرام كأبي هريرة وأمّ المؤمنين عائشة وجابر بن عبدالله وأنس بن مالك، وقيل عنه ليس أحد أجدرُ منه بالرّواية أن يقول قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مرسِلاَ الحديث للنّبيّ عليه الصّلاة والسّلام كما روى عن عدد من التّابعين من أمثال: سعيد بن المسيّب وذَكوان أبي صالح وغيرهم رحمهم الله، كما روى الحديث من طريقه كثير من الرّواة من أمثال: هشام بن عُروة وابن شهاب الزّهريّ وجعفر الصّادق، وروى له أصحاب الكتب السّتّة البخاريّ ومسلم وأبو داوود والتّرمذيّ والنّسائي وابن ماجه.
من رواية ابن المنكدر للحديث
ممّا روي من طريق محمّد بن المنكدر ما أورده الإمام مسلم في صحيحه: ((عن محمّد بن المنكدر، قال: رأيتُ جابرَ بن عبدالله يحلِف بالله، أنّ ابن صائدٍ الدّجالُ، فقلت: أتَحْلِفُ بالله؟ قال: إنّي سمِعتٌ عُمَرَ يحلِفُ على ذلكَ عند النّبي صلّى الله عليه وسلّم فلمْ ينْكِرُهُ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم)) من كتاب الفتن وأشراط السّاعة، رقم الحديث2929.
