لقد كانَ لعُلماء القرنِ الثَّالِثِ الهِجْرِيِّ جهودٌ كَبيرَةٌ في نَقْلِ وتَدْوينِ الحديثِ النَّبويِّ الشَّريفِ وإكْمالِ مَسيرَةِ منْ كانَ قَبْلَهُمْ منَ المُحَدِّثينَ والرُّواةِ، وقدْ ظَهْرَ في هَذا القَرْنِ أصْحابُ الكُتُبِ السِّتَّةِ أوِ السُّنَنِ السِّتَّةِ، ونَصِلُ في الحديثِ عنْهُمْ إلى ابنِ ماجَةَ القَزْوينِيِّ فتَعالوا نَقْرَأُ في سيرَتِهِ مَع الحديثِ النَّبَوِيِّ الشَّريفِ.
نبذة عن ابن ماجة القزويني:
هوَ الإمامُ الحافِظُ المُحَدِّثُ، المُفَسِّرُ المؤَرِّخُ، أبو عبْدِ اللهِ، مُحَمَّدُ بنُ يزيدَ بنِ ماجَةَ الرِّبْعِيُّ القَزْوينِيُّ، منْ علماءِ الحديثِ النَّبويِّ منَ القرنِ الثَّالِثِ الهِجْرِيِّ، وأحَدُ أصْحابِ السُّنَنِ السِّتَّةِ المقْبولَةِ عنْدَ أهلِ الإسلامِ، وُلِدَ في العامِ التَّاسِعِ بعدَ المائَةِ الثَّانِيَةِ منَ الهِجْرَةِ النَّبويَّةِ في قًزْوينَ وهيَ إحْدَى مُدِنِ فارسَ قديماً، وطلبَ العلْمَ حتَّى رَحَلَ فيهِ إلى العراقِ وبلادِ الشَّامِ والمَدَينَةِ المُنَوَّرَةِ ومَكَّةَ المُكَرَّمَةِ، وسَمِعَ منْ كبارِ مُحَدِّثِي زمانِهِ ونَقَلَ عنْهُمُ الحديثَ، كما اشْتُهِرَ عالِمُنا بالتَفسيرِ والتَّارِيخِ بالإضافَةِ إلى الحديثِ النَّبويِّ، وبقيَ بينَ مجالِسِ العلْمِ وطَلَبَتِهِ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ في العامِ الثَّالِثِ والسَّبْعينَ بعدَ المائَتَيْنِ منَ الهِجْرَةِ في قَزْوينَ يرْحَمُهُ اللهُ.
ابنُ ماجة وروايةِ الحديث:
لقدْ جَمَع الإمامُ ابنُ ماجَةَ القَزْوِينِيِّ يرْحَمُهُ اللهُ منْ رِحلاتِهِ العلْمِيَّةِ الكَثيرَ منَ الحديثِ النَّبويِّ، وقدْ روَى الحديثَ عنْ كثيرٍ منَ الرُّواةِ منْ أمْثالِ: علِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الطَّنافِسِيِّ ومُصْعَبُ بنُ عبْدِ اللهِ الزُّبيرِيُّ وسويدِ بنِ سَعيدِ ومُحَمَّدِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ وهِشامِ بنِ عمَّارٍ وأبي بَكْرِ بنِ أبي شَيْبَةَ وداوودَ بنِ رُشيدٍ وعُثْمانَ بنِ أبي شَيْبَةَ وغيرُهمْ يرْحَمُهُمُ اللهُ جَمِيعاً.
أمَّا منْ حَدَّثَ الحديثِ منْ طريقِ ابنِ ماجَةَ القَزْوينِيِّ فَمِنْهُم: مُحَمَّدُ بنُ عيسَى الأبْهَرِيُّ وأحْمَدُ بنُ رَوْحٍ البَغْدادِيُّ وعليُّ بنُ إبْراهيمَ القَطَّانِ وغيرِهمْ كثيرٌ يرْحَمُهُمُ اللهُ.
ابن ماجة والسنن:
يُعْتَبَرُ الإمامُ ابنُ ماجَةَ القَزْوينِيُّ منْ أشْهَرِ المُصَّنِّفينَ للحديثِ، وأحدُ أصْحابِ السُّنَنِ وجماعَةِ الحديثِ، وقدْ صَنَّفَ في الحديثِ كِتابَهُ المَشْهورِ عنْدَ الأمَّةِ بِسُنَنِ ابنِ ماجَةَ، وقدْ كانَ لَهُ منْهَجُهُ في رِوايَةِ الحديثِ كسابِقيهِ منْ أصْحابِ السنن الخمسَةِ وهمْ الشَّيْخانِ البُخارِيُّ وُمُسْلِمٌ والتِّرْمِذِيُّ والنَّسائِيُّ وأبو داوودَ، وكانَ منْهَجُهُ في كِتابِهِ يَقومُ علَى الأبوابِ الفِقْهِيَّةِ تحتَ الكُتُبِ فكُلُّ كِتابِ يحْملُ تحتَ عُنْوانِهِ الأبوابَ وقدْ بدأ كِتابَهُ بِمُقَدِّمَةٍ تُبيِّنُ أهَمِيَّة السُّنَّةِ والحديثِ لطَلَبَةِ العلْمِ وحَثِّهِمْ على اتِّباعِها، ولا زال كِتابُ السُّنَنِ لابنِ ماجَةَ أحَدَ مراجِعِ أُمَّةِ الإسْلامِ والعلماءِ وطلَبَةِ الحديثِ.