اجتماع القادة المسلمين في غزوة بدر:
وقد جمع القادة من جيش الإسلام والمسلمين على ملاقاة جيش قريش مكة المكرمة، ولكن هذا المجلس لم يكد ينعقد حتى وقف قادة المهاجرين رضي الله عنهم وارضاهم يعلنون نصبهم على الاشتباك مع جيش المشركين من قريش مهما كان الثمن الذي سوف يدفعوه.
وقد جاء إعلانهم بهذا صريحاً في قول احد قادتهم ابن عمرو، والذي الذي وقف خطيباً في المجلس قائلاً رضي الله عنه وأرضاه: “يا نبي الله امض لما أراك فنحن معك ، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى ( فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون ) ولكنه قال رضي الله عنه وأرضاه: اذهب انت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فو الذي بعثك بالحق لو سرت إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه، حتى تبلغه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم الشريف” خيراً “.
ولكن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان قد عرف رأي رجال المهاجرين في هذا المجلس، وهم أقلية في الجيش الإسلامي النبوي، فإنّه لم يدري بعد ما وراء ذلك حقيقة موقف رجال الأنصار الذين سيدور ثقل الغزوة القادمة على كواهلهم، لأنهم يمثلون أغلبية الجيش الإسلامي النبوي، ولأن نصوص ما جاءت به معاهدة العقبة لا تلزمهم صراحة العبارة بالقتال مع نبي الله الأعظم صلى الله عليه وسلم الشريف خارج ديارهم.
حيث جاء في أحد بنودها تلك المعاهدة أنهم ( أي الأنصار ) براء من ذمامه حتى يصل إلى ديارهم، فإذا وصل إليهم فإنه في ذمتهم يمنعونه مما يمنعون منه أبناءهم ونساءهم، فكان لذلك يخشى ألا تكون الأنصار ترى نصره إلا ضد من يهاجمه من عدوه ومن ضده في المدينة المنورة.
ولهذا السبب أحب النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن يرى( بصفة خاصة ) حقيقة موقف رجال الأنصار من خوض الغزوة القادمة، فقال صلى الله عليه وسلم( بعد سماع موافقة المهاجرين): وأشیروا عليَّ أيها الناس (يقصد الأنصار)، (وهنا نهض سعد بن معاذ)، سيد الأنصار ورجلهم، وصاحب لواء كتيبتهم وقال: لكأنك تريدنا یا نبي الله العظيم صلى الله عليه وسلم، فقال له عليه أفضل الصلاة والسلام: أجل “.
فقد أعلن القائد الأنصاري رضي الله عنه موافقة رجال الأنصار المطلقة وتصميمهم الصادق على ملاقاة جيش العدو جيش قريش في مكة المكرمة، قائلاً مخاطباً الرسول صلى الله عليه وسلم: “قد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناه على ذلك عهودنا ومواثبتنا على السمع والطاعة، فامض يا نبي الله صلى الله عليه وسلم لما أردت ، فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن نلتقي عدونا وعدو الإسلام غداً، إننا نصبر صبر جميل في الحرب صدق في اللقاء، ولعل الله عز وجل يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله سبحانه وتعالى”.