لقدْ جاءَ في كثيرٍ منْ شواهدِ الحديثِ النّبويِّ منَ الآدابِ الّتي علّمها النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ للصّحابة، ومنها التّيمّن، وهوَ البدءُ باليمينِ في الأفعالِ، فقدْ كانَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ يبدأ باليمينِ في كثيرٍ منْ أفعالِه عليه الصّلاة والسّلام، وسنعرضُ حديثاً في ذلك.
الحديث
أوردَ الإمامُ التّرمذيُّ رحمهُ اللهُ تعالى في الجامع الصحيح: ((حدّثنا هنّادٌ، قال: حدّثنا أبو الأحوصِ، عنْ أشعثَ بنِ أبي الشّعثاءِ، عنْ أبيه ، عنْ مسروقٍ، عنْ عائشةَ أنّ رسولَ الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ كانَ يحبُّ التّيمّنَ في طهورهِ، إذا تطهّرَ، وفي ترجّله إذا ترجّلَ، وفي انتعاله إذا انتعلَ)). حكمُ الحديثِ صحيح ورقمهُ: (608).
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ أوردهُ الإمامُ أبو عيسى، محمّدُ بنُ عيسى بنِ سورة التّرمذيُّ في الجامع الصحيح، في أبوابِ السّفرِ، بابُ: (ما يستحبٌّ منَ التّيمّنِ في الطّهورِ) والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّة الجليلِة أمّ المؤمنينَ عائشةَ بنتِ أبي بكرٍ الصّدّيقِ رضيَ اللهُ عنهما، وهي منَ المكثرينَ في رواية الحديثِ منَ الصّحابة، أمّا اسنادُ الحديثِ منَ الرّجال:
- هنّادٌ: وهوَ أبو السّريُّ، هنّادُ بنُ السّريِّ بنِ مصعبٍ التّميميُّ (152ـ243هـ)، وهوَ منْ ثقات رواية الحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- أبو الأحوصِ: وهوَ سلامُ بنُ سليمٍ الحنفيُّ (ت: 179هـ)، وهوَ منْ رواة الحديث الثّقات منْ أتباع التابعين.
- أشعثُ: وهوَ أبو يزيدَ، أشعثُ بنُ أبي الشّعثاء سليمِ بنِ أسودٍ المحاربيّ (ت: 125هـ)، وهوَ منْ ثقات الحديثِ منْ أتباع التّابعين.
- أبو الأشعث: وهوَ أبو الشّعثاءِ، سليمُ بنُ أسودَ بنِ حنظلةَ المحاربيّ (ت: 82هـ)، وهوَ منْ ثقات التّابعينَ في رواية الحديث.
- مسروقٌ: وهوَ أبو عائشةَ، مسروقُ بنُ الأجدعِ الهمدانيُّ (ت: 82هـ)، وهوَ منْ ثقات التّابعينَ في الحديثِ وأكثرهمْ روايةً عنْ أمّ المؤمنينَ عائشةَ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى أدبٍ منَ الآداب الّتي علّمها النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ لأصحابه وهي التّيمّن، والتّيمّن هو البدءُ بالعضو اليمينِ قبل الشّمال، وقدْ بيّن الحديثُ أنّ النّبيَّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ كانَ يبدّا باليمينِ في طهوره وغسلة للأعضاء اليمنى، وكذلكَ في ترجّله أي في تمشيطه للّحية والشّعر، وكذلكَ في انتعاله ولبسه الحذاء، ويعودُ السّببُ في ذلكَ إلى أنّ اليمينَ فيها من البركة واليمنِ، وكذلكَ تكريما لليمين.
ما يرشد إليه الحديث
من الفوائد من الحديث:
- سنّة النّبيِّ عليه الصلاة والسّلام في التّيمن.
- الاقتداءُ بالنّبيِّ عليه الصلاة والسّلام بالتّيمن في الطّهور والتّمشيطِ والانتعال.