إنَّ الحديثَ النَّبويَّ الشَّريفِ يعتَبرُ معَ السُّنَّةِ مصدراً تشريعياً بعدَ القرآنِ الكريمِ، لما يحتويهِ منْ تبيانٍ وتوضيحٍ للقرآنِ الكريمِ والإتْيانِ بأحكامٍ لمْ ترد في القرآنِ الكريمِ، لذلِكَ أوْلَتِ الأمَّة الحديثَ والسَّنَّةَ كثيراً منَ الاهتمامِ المُتَواصِلِ، فكان نقلُهُ وروايَتُهُ مستَمِرَّةٌ منْ جيلِ الصَّحابَةِ إلى أتْباعِ التَّابعينَ وما إنْ وصَل إلى أتْباعِ التّابعينَ إلّا وقدْ بلَغَ ذَرْوَتَهُ في النقلِ والتَّدوينِ، وِها نحْنُ في بحثِنا نكتُبُ عنْ سير المُحَدِّثينَ في هذِه الطَّبَقَةِ، ونَصِلُ في الكِتابَةِ إلى الرَّاوِي المُحَدِّثِ عبدِ اللهِ بنِ مسلَمَةَ القَعْنَبِيِّ، فتعالوا معنا في سيرَتِهِ معَ الحديثِِ النَّبويِّ.
نبذة عن القعنبيّ:
هوَ: الرَّاوِي المُحَدِّثُ، أبو عبدِ الرَّحمنِ، عبدٌ اللهِ بنُ مَسْلَمَةَ بنُ قَعْنَبٍ القَعْنَبِيُّ، ويقالُ لَهُ الحارِثِيُّ المَدَنِيُّ البَصْرِيُّ، منْ رواةِ الحديثِ منْ أتْباع التَّابعينَ، أصْلُهُ منَ المَدينَةِ المُنَوَّرَةِ، فيقالُ لَهُ المَدَنِيُّ، َثمَّ هاجَرإلَى البَصْرَةِ بالعِراقِ ليَسْتَقِرَّ فيها، وكانَ منْ عُلَمائِها، وهو منَ الّذين كانَ لَهُمُ الفَضْلُ في رِوايَةِ موطَأِ الإمامِ مالِكِ بنِ أنَسٍ رحِمَهُ اللهُ، وكانتْ وفاتُه عليْهِ رَحْمَةُ اللهِ في العامِ الحادِي والعِشْرينَ بعدَ المائَةِ الثَّانِيَةِ منَ الهِجْرَةِ النَّبويَّةِ.
روايته للحديث:
كانَ الإمامُ عبدُ اللهِ بنُ مسْلَمَةَ القَعْنَبِيُّ منْ رواةِ الحديثِ منْ أتْباع التَّابعينَ، وقدْ رَوَى الحديثَ منْ طريقِ كثيرٍ منَ المُحَدِّثينَ منْ امثالِ: الإمامِ مالِكِ بنِ أنَسٍ وأفلَحِ بنِ حُمَيْدٍ الأنْصارِيِّ وإبْراهيمَ بنِ سعْدٍ وعبدِ العَزيزِ بنِ أبي حازِمٍ وسعيدٍ المَقْبُرِيِّ ويزيدَ بنِ زُرَيْعٍ واللَّيثِ بنِ سعدٍ وحاتِمِ بنِ إسماعيلَ المَدَنِيِّ وسُلَيمانَ بنِ بلالٍ ويزيدَ التُّسْتَرِيِّ وحمَّادِ بنِ سلَمَةَ وداوودَ بنِ قيسٍ الدَّباغِ والمُغيرَةِ الحِزامِيِّ وغيرِهم يرحمُهُمُ اللهُ جميعاً.
أمَّا منْ رَوَى الحديثَ منْ طريقِ عبدُ اللهِ بنُ مسْلَمَةَ القَعْنَبِيُّ فمِنْهُمْ: الإمامُ مُحَمَّدُ بنُ إسماعيلَ البُّخارِيُّ ومُسْلِمُ بنُ الحجَّاجِ والإمامِ أبو داوودَ وهؤلاءِ مِمَّنْ تَعلَّمَ منْهُمْ، كما روى عنهُ أبو حاتِمٍ الرَّازِيُّ وعُثْمانُ بنُ سعيدٍ الدَّارِمِيُّ وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ وغيرُهُمْ وحديثُهُ عندَ جماعَةِ الحديثِ.
من رواية القعنبي للحديث:
مِمَّا جاءَ منْ روايَةِ الحديثِ منْ طريقِ الإمامِ القَعنَبِيِّ ما أورَدَهُ الإمامُ مُسلِمُ بنُ الحجَّاجِ في الصَّحيحِ في كِتابِ الرُّؤيا: (( حدَّثَنا عبدُ اللهِ بنُ مَسْلَمَةَ بنِ قَعْنَبٍ، حدَّثَنا حمَّادُ بنُ سَلَمَةَ،، عنْ ثابِتٍ البُنانِيِّ، عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ، قالَ: قالَ رسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ:( رأَيْتُ ذاتَ لَيْلَةٍ فِيما يَرَى النَّائِمُ كَأَنَّا فِي دارِ عُقْبَةَ بنِ رافِعٍ، فَأُتِينا بِرُطَبٍ منْ رُطَبِ ابْنِ طابٍ، فأوَّلْتُ الرِّفْعَةَ لَنَا فِي الدُّنْيا، والعاقِبَةَ فِي الآخِرَةِ، وأنَّ دِينَنَا قدْ طابَ ). رَقَمُ الحديثِ 2270/18 )).