الحكمة من استفتاح بعض السور بالحروف المقطعة

اقرأ في هذا المقال


إعجاز القرآن الكريم لا ينتهي ولا ينفذ فكل حرفٍ في القرآن الكريم معجزٌ بحد ذاته، فالحروف التي ابتدأت بها تسعٌ وعشرون سورة من سور القرآن الكريم أعجزت العرب المفسرين في معرفة ما مرادها وما المقصود من وراءها، فذكر حرف بحد ذاته لا يعطينا في العادة معنى مكتمل متناسب مع بعضه البعض، لكن في عالم القرآن الكريم كل شيء وارد وجائز، فوجود حرف أو حرفين مقطعة في بداية السور يعطي معاني كثيرة.

تعريف الحروف المقطعة في القرآن الكريم

هي أربعة عشر حرفاً من الحروف الهجائية ابتدأت بها تسع وعشرون سورة من سور القرآن الكريم، ولها حكم عديدة لابتدائها في فواتح السور.

الحروف المقطعة في القرآن والسور التي ذكرت فيها

1- الم: ذكرت في بداية سورة البقرة، آل عمران، العنكبوت، الروم، لقمان، السجدة.

2- المص: في بداية سورة الأعراف.

3- الر: في بداية سورة يونس، هود، يوسف، إبراهيم، الحجر.

4- المر: في بداية سورة الرعد.

5- كهيعص: في بداية سورة مريم.

6- طه: في بداية سورة طه.

7- طسم: في بداية سورة الشعراء، القصص.

8- طس: في بداية سورة النمل.

9- يس: في بداية سورة يس.

10- ص: في بداية سورة ص.

11- حم: في بداية سورة غافر، فصلت، الزخرف، الدخان، الجاثية، الأحقاف.

12- حم عسق: في بداية سورة الشورى.

13- ق: في بداية سورة ق.

14- ن: في بداية سورة ن.

مذاهب اتخذها العلماء في تأويل الحروف المقطعة في القرآن الكريم

منهم من لم يؤولها ولا يفسرها ولم يخوض فيها

هذه الفئة كانت خائفة من غضب الله تعالى أن تفسر هذه الحروف لعدم استنادها لأدلة قوية وواقعية على تفكيرهم، فتركوها ما هي على حالها وأن تركها وعدم تفسيرها من الإيمان بما نزل من عند الله تعالى تسليماً به، قال أبو بكر الصديق -رضي الله عنه: “في كل كتاب سر, وسر الله في القرآن أوائل السور”.

منهم من أولها وفسرها

أصحاب هذا المذهب اختلفوا في تفسير هذه الحروف كما يلي:

1- منهم من قال أنها مجرد أسماء سور في القرآن، ودليلهم ما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه: “أن رسول الله -صلى الله عليه وسلَّم- كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة: ألم السجدة، وهل أتى على الإنسان”، أي أنه يذكر اسم السورة.

2- منهم من قال أنها أسماء لله تعالى.

3- منهم من قال أن كل حرف يدل على اسم من أسماء الله الحسنى.

4- ومنهم من قال أن الله عز وجل أقسم فيها.

5- ومنهم من قال أن هذه الحروف جاءت للتنبيه.

6- ومنهم من قال أنها حروف قد تحدى الله عز وجل بها الناس.

ومع جميع هذه الأقوال فقد رجح العلماء قولا واحدا صواباً وهو أن علمها مأثور عند الله عز وجل لا دليل من القرآن ولا من السنة النبوية الشريفة على صحة ما قيل من أقوال سابقة.

الحكمة من استفتاح بعض السور بالحروف المقطعة

1- تحدي أهل العقل وأهل العلم والعرب أجمع، بأن هذه الحروف وهذه اللغة لغتنا العربية ومع هذا لم نستطع أن نفسر معناها وما المراد منها، فهي تحدي لكل العرب بأنهم لا يستطيعون أن يأتوا بمثل حرف من حروف القرآن الكريم، قال تعالى: “قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا” (سورة الإسراء:88).

2- إلغاء غرور العلماء وادعاءهم بأنهم يعلمون كل شيء، فهذا حرف واحد لم يستطيعوا أن يعرفوا معناه ومغزاه.

3- التنويه إلى عدم المعرفة وعدم القدرة على معرفة جميع معاني القرآن الكريم، فكلام الله عز وجل ليس ككلام البشر يعرف جميع معانيه ومغزاه.

4- التنويه إلى أن الله عز وجل يعطي الناس ما يريد أن يعطيهم من المعرفة ويمنع عنهم ما يريد، فتعالى لم يرد أن يعطي الناس معاني هذه الحروف وأعطاهم معاني كلمات أخرى، قال تعالى: “وَلَا یُحِیطُونَ بِشَیۡء مِّنۡ عِلۡمِهِ إِلَّا بِمَا شَاۤءَ” (سورة البقرة: 255).

5- التنويه إلى أن كتاب الله عز وجل القرآن الكريم ليس كباقي الكتب المؤلفة، فهو كتاب عظيم لديه الكثير من المعاني وباقي الكتب تستطيع معرفة معانيها بسهولة أو بالرجوع إلى كاتبها؛ لأنها من صنع البشر وليست من صنع الخالق.

6- التنويه إلى أن القرآن الكريم بحروفه المقطعة يعتمد على الاستماع له والإنصات إليه لقراءته كما استُمع إليه، لأن هذه الحروف تقرأ كما تسمع لا كما تكتب.

وفي الختام فحكم هذا القرآن لا تنتهي ولا تنفذ، والمستور منها أكثر من المعروف فيتوجب علينا نحن المسلمون الاعتزاز بالقرآن الكريم وبأننا أمة القرآن الكريم، لما له من رفع قد وقيمة أهله والمعتنين به والقائمين على تفسيره والأخذ به وتعليمه للأجيال القادمة، كما تعلمنا من أجيالنا السابقة الجليلة.


شارك المقالة: