إنّ توثيق العقود والحقوق من أساسيات العمل في المعاملات المالية الإسلامية، وذلك لضمان حقوق الناس والبعد عن الخلافات والمنازعات بينهم، ومن أهم العقود التي تمّ العمل بها لتوثيق الحقوق وضمانها الرهن، فما معنى الرهن؟ وما حكمه؟ وما أدلة مشروعيته؟ هذا ما سنتعرّف عليه في هذا المقال إن شاء الله تعالى.
تعريف الرهن:
رغم اختلاف الفقهاء في تعريف الرهن، إلّا أنهم ذهبوا جميعاً إلى نفس الهدف والغاية من الكلام، في توثيق العقود وحفظ الحقوق، لذلك نقتصر بذكر تعريف واحد يتضمّن المقصد نفسه. وهو توثيق حبس المال بحق، بحيث يُمكن الحصول عليه في حالة عدم الوفاء بثمنه، ويتم الرهن على الأموال العينية، ويلزم الرهن في عند تسليم المبيع قبل استيفاء كامل ثمنه.
ويُعتبر الرهن من عقود التبرعات، لأنّ صاحب المال يُرهن ماله للمرتهن دون مقابل، ويتم الإلزام بالرهن عند قبض العين التي تمّ رهنها. ويُعتبر من عقود التوثيقات؛ لأنّ الدّين يُوثّق بالرهن، فيُثبت الدائن حقه به.
حكم الرهن وأدلّة مشروعيته:
الرهن من العقود المالية المشروعة في القرآن الكريم والسُّنة والإجماع، فهو من العقود التي تهدف لحفظ المال والحقوق. ومن الأدلة على مشروعية الرهن:
- في القرآن الكريم: قوله تعالى: “وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ” سورة البقرة آية 283.
- في السنة النبوية الشريفة: رُوي عن أنس _رضي الله عنه_ أنه قال: “رهن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ درعاً عند يهودي بالمدينة، وأخذ منه شعيراً لأهله” رواه بخاري.
ومن الأدلة على مشروعية الرهن في السنة النبوية، قول الرسول _عليه الصلاة والسلام_ فيما رواه عنه أبو هريرة _رضي الله عنه_: “لا يُغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه” سنن ابن ماجه. أي أنه لا يسقط الرهن عمّن رهنه إلّا عند تركه من قبل المرتهن في الوقت المتّفق عليه.
كما ورد الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي تبيّن بأنّ الرهن من العقود الجائزة، لكنه ليس من العقود الواجبة، لأنه من الوثائق التي تتم على الدّين، وتلزم في حال إنشاء عقد الرهن.
- في الإجماع: أجمع الفقهاء على جواز عقد الرهن ومشروعيته، في الحضر والسفر، بناءً على ما ورد من أدلة على ذلك في القرآنه الكريم والسنة النبوية.