لقد كانت رحلة الحديث النّبويّ الشّريف رحلة شاقّة حمل همّها رجال نذروا أنفَسهم لخدمة دين الإسلام لأنّهم يعلمون كلّ العلم بأهميّة الحديث النّبويّ وقد بدأت هذه الرّحلة من الصّحابة الأجلاء ليضعوا بين يديّ التّابعين هذه المهمّة العظيمة فحملها التّابعون أمثلة ومنهجاً لطلبة العلم كيف يؤخذ الحديث بتثبتٍ وتحقيقٍ وكان من التّابعين رجال قاموا بمهمة الحديث خير القيام، ونتحدّث عن محدّث منهم لا تكفي السّطور بترجمة سيرته المعطّرة ألا وهو أبو إسحاق السّبيعيّ فتعالوا معنا في سيرته.
نبذة عن السّبيعيّ
هو التّابعي الجليل، أبو إسحاق، عمرو بن عبدالله السُّبيعيّ، والسّبيعي نسبة إلى بنو سُبيع ، ولد في العام الثّالث والثلاثين من الهجرة النّبويّة بأيام خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وشارك في الفتوحات الإسلاميّة بخلافة الأمويّين، عاش في الكوفة بالعراق واشتهر هناك بعلمه بالفقه والحديث، وكان مرجعاً لأهل العلم وطلبته، وعمّر أبو إسحاق السّبيعيّ فتجاوز التسعين عاماً من عمره وفقد بصره بآخر حياته وكانت وفاته في العام السّابع والعشرين بعد المئة من الهجرة النّبويّة.
روايته للحديث
كان أبو اسحاق السُّبيعيّ من التّابعين الّذين أدركوا جيلاً من الصّحابة رضوان الله عليهم ومن الصّحابة الّذين روى عنهم الحديث: عبدالله بن عبّاس وعبدالله بن عمرو والبراء بن عازب وعبدالله الخَطْميّ والضّحاك وعبدالله بن الفاروق عمر وغيرهم رضي الله عنهم كما روى عن عدد من التّابعين كسعيد بن المسيّب وعكرمة مولى بن عبّاس وقيس بن أبي حازم وغيرهم عليه رحمة الله كما روى الحديث من طريقه الكثير من الرّواة كمحمّد بن سيرين والأعمش وسفيان بن عُيَينة وسفيان الثّوريّ وغيرهم وقد وثّقَه أكثر علماء الجرح والتّعديل وروى له جماعة الحديث من الكتب الستّة وأحمد بن حنبل في المسند.
من رواية السّبيعي للحديث
ممّا روي من الحديث النّبوي الشريف من طريق أبي إسحاق السُّبيعيّ ما أورده الإمام مسلم في صحيحه من طريقه قال: (( سمعت البراءَ بن عازب يقول: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رَجُلاً مَرْبُوعاً، بَعِيدَ ما بين المنْكِبَيْن، عظيمُ الجُمَّة إلى شَحمَةِ أُذُنَيْهِ ، عليهِ حُلَّةٌ حَمْراءُ، ما رأيْتُ شيْئاً قطُّ أحسنَ منْهُ صلّى الله عليه وسلّم)) من كتاب الفضائل ، رقم الحديث 2337.