بسبب وجود التشابه بين موضوع التخصيص في القرآن الكريم وهو المعروف عند أهل الفن وموضوع النسخ، فالنسخ يفيد تخصيص الحكم ببعض الأزمان، وتعريف التخصيص هو ما يفيد رفع الحكمِ عن بعض الأفراد، الأمر الذي جعل بعض العلماء ينكر وقوع النسخ في الشريعة، وسماه تخصيصاُ، ومنهم من أدخل صوراً من التخصيص في باب النسخ، ومن هنا جاء الخلاف في عدد المنسوخ.
الفروق التي تميز بين النسخ من التخصيص .
- أنّ العام بعد تخصيصه في حقيقته هو مجاز، وذلك لأنّ مدلوله وقتئذ بعض أفراده مع أنّ لفظه موضوع للكل، والقرينة هي المخصص وكل ما كان كذلك فهو مجاز، أمّا النص المنسوخ فما زال كما كان مستعملاً فيما وضع له؛ غايته أنّ الناسخ دلّ على أنّ إرادة الله تعلقت أزلاً باستمرار الحكم إلى وقت معين، وإن كان النص المنسوخ متناولاً جميع الأزمان، ويظهر ذلك واضح عندما يقول الشارع مثلاً: قوموا بفعل كذا وكذا ، ثمّ نسخه بعد زمن قصير فإنّه لا يعقل أن يكون مدلوله ذلك الزمن القصير دون ذلك، بل هو ما زال كما كا في جميع الأزمان نصاً.
- أنّ التخصيص في هذا العلم من المستحيل أن يأتي على الأمر الموجه لمأمور واحدٍ فقط ، ولا على النهي بسبب منهي واحدٍ ، بخلاف النسخ فيمكن أن يعرض لغيره من الأحكام.
- أنّ النسخ يتم إبطال حجية المنسوخ إذا كان تمّ رفعه للحكم الواضح بالنسبة إلى جميع أفراد العام، ويبقى على شيء من حجيته إذا كان رافعاً للحكم عن بعض أفراد العام دون بعض، أما التخصيص فلا يبطل حجية العام أبداً، بل العمل به قائم فيما بقي من أفراد بعد تخصيصه.
- أن النسخ لا يمكن أن يكون إلا بكتاب الله تعالى وسنة رسوله الكريم ، مختلف عن موضوع التخصيص فإنّه يكون بكتاب الله، وسنة نبيه وبغيرهما كما في دليل الحس، والعقل ، فقوله تعالى ﴿وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ فَٱقۡطَعُوۤا۟ أَیۡدِیَهُمَا جَزَاۤءَۢ بِمَا كَسَبَا نَكَـٰلࣰا مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ﴾ [المائدة ٣٨] قد خصّصه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله ( لا تقطع إلّا في ربع دينار)
وهذا قوله تعالى ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَیۡءِۭ بِأَمۡرِ رَبِّهَا فَأَصۡبَحُوا۟ لَا یُرَىٰۤ إِلَّا مَسَـٰكِنُهُمۡۚ كَذَ ٰلِكَ نَجۡزِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡمُجۡرِمِینَ﴾ [الأحقاف ٢٥] قد خصّصه ما شهد به الحس من سلامة السماء والأرض، وعدم تدمير الريح لهما.