الفرق بين صاحب الرأي وصاحب العقيدة في الإٍسلام

اقرأ في هذا المقال


عند البحث في الفرق بين العقيدة الإسلامية والفلسفة وعلم الكلام، يُدرك علماء الإسلام أنهم بحاجة إلى علماء عقيدة وليس علماء فلسفة، لمعالجة حيرة الناس وإنارة ظلام جهلهم، كون الفلسفة علم غير قادر على معالجة ذلك، ومن هنا يمكن القول بأن هناك فروق بين أصحاب الرأي وأصحاب العقيدة في الإسلام، نتحدث عنها في هذا المقال.

الفرق بين صاحب الرأي وصاحب العقيدة في الإٍسلام:

قال بعض العلماء الباحثين في الفرق بين صاحب الرأي وصاحب العقيدة، أنه هناك فرق بين رؤية المعلومة وبين اعتقادها، فمَن يرى المعلومة يُدرجها في دائرة معرفته فقط، لكن مَن يعتقدها يُدخلها في قلبه وعقله، وتستقر في أعماقه ووجدانه، وتتغلغل في دمه.

فصاحب الرأي هو فيلسوف، قد يرى ما يعرفه صحيحاً، لكن في الواقع يكون هباءً وعبثاً لا صواب فيه، وقد تكون لديه أدلة مناسبة في وقت رؤيته، إلّا أنّها قد تنقلب عما أثبتت له من معارف، ويعلم الفيلسوف أنّه قد يكون على صواب أو على خطأ.

أمّا صاحب العقيدة فاعتقاده للمعارف والحقائق صارم بات، لا يشوب معرفته الظن، وليس عنده شكوك، يتأكد بأنّ الحق هو عقيدته، وأنّها العدل والصواب واليقين، من الأمس إلى اليوم، وحتى الغد، ويدرك بأنها حقيقة لا تحتاج إلى دليل يُثبت صحتها، وتسمو عن الشكوك والأوهام.

وصاحب الرأي لا يصدر منه أي انفعال، وردّ فعله هادئ في حال تحقق رؤيته، وإن لم تتحقق فلا بأس عليه، فهو محترز قبل ذلك لعدم صحة رؤيته، ويعلم دائماً بأنّ رأي الآخرين خطأ لكنه قد يكون صواباً، بعكس صاحب العقيدة الذي يبقى متحمساً، ولا يقبل بالخسارة حتى يتأكد من تحقق ما يعتقد.

ومن السهل أن يُغير صاحب الرأي في رؤيته، حسب ما يجد من أدلة، أو يتحقق لديه من مصالح، ولا يُغيّر صاحب العقيدة في رؤيته وعقيدته، مهما تغيرت الظروف والأحوال، ويقتدي المسلم في إصراره على عقيدته، بموقف النبي محمد _عليه الصلاة والسلام_ في إصراره على الاستمرار في تحمل الدعوة الإسلامية، رغم ما تعرض له _عليه الصلاة والسلام_ من مشاق وصعوبات.

ويبقى الرأي ساكناً لا حركة فيه كالكهف المظلم، حتى تُنيره العقيدة بأشعتها، وتظلل عليه من روحها، وهي بحر واسع ثابت، تتجدد مياهه لتمنع الشوائب من الاستقرار على سطحه.

ويخلق الرأي المعاضل، ويزيد المشكلات، ليُثير الشك والظنون، لكن تبقى العقيدة كالنجم المتألق الذي يقتحم الأخطار، ويضيء قمم الجبال، ليُغير سير الحياة، ويقضي على الظن والشك، ويُحيي اليقين في قلوب الناس وعقولهم.


شارك المقالة: