اللحن الجلي واللحن الخفي في تلاوة القرآن الكريم

اقرأ في هذا المقال


أنزل الله تعالى القرآن مرتلاً ومجوّداً؛ فقال سبحانه وتعالى: “وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا” سورة الفرقان 32، حيث فرض الله تعالى ترتيل القرآن الكريم وتجويده، وجاء الحكم في ذلك بالقرآن والسنة، وإجماع العلماء، وبناءً على ذلك ثبت حكم تحريم اللحن في تلاوة القرآن، فقال عز وجلّ: “قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ”سورة الزمر 28.

 تعريف اللحن في تلاوة القرآن

يجب على القارئ أن يتعرف على مفهوم اللحن وأنواعه، ليتجنب الوقوع فيه، فقال أحد الشعراء في ذلك:

فأولُ علمِ الذكر إتقانُ حفظِه             ومعرفة باللحن مِن فيك إذ يجري

فكُنْ عارفًا باللحنِ كيما تزيلَه           وما للذي لا يعرفُ اللحن من عذرِ

يأتي اللحن في اللغة عند العرب على معانٍ كثيرة، معظمها تعني الخطأ والزلل، والهفوة والغلط، واللحن نوعين الجلي والخفي، ولكل نوع منهما مدى خاص به، وغاية يفرق بها عن غيره، فأجمع العلماء على تحريم النوع الأول وهو الجلي، أما النوع الثاني وهو الخفي، ففيه اختلفت الآراء؛ فمن العلماء مَن قال بالتحريم، ومنهم مَن قال بالكراهة، واعتمد الأغلب الحكم الثاني وهو الكراهة رفعاً للحرج والمشقة عن القراء، والحفظة.

والأفضل أن يتمكن القارئ من عدم الوقوع بنوعي اللحن، فإن كان ذلك اعتُبر القارئ من أصحاب المهارة والإتقان في قراءة القرآن الكريم، وقد تم ضمه إلى قائمة أهل القرآن، الذين أكرمهم الله تعالى برحمته ولطفه وكرمه في الدنيا، والمنزلة العالية الرفيعة في الآخرة.

أسباب اللحن في تلاوة القرآن الكريم

للَّحن في تلاوة القرآن الكريم مجموعة من الأسباب نتحدث عنها فيما يلي:

  • عدم توافر المعرفة التامة بمخارج الحروف عند القارئ.
  • جهل القارئ بالصفات اللازمة أو العارضة للحروف، مما يتسبب بتبديل الحروف أو تقبيحها، أو إدخال الضعيف منها بالقوي.
  • عدم التمكن من اللفظ الصحيح للحركات، والجهل بالضبط النحوي للكلمات.
  • عدم ليونة اللسان والفك، مما يجعل القارئ غير متمكناً من إظهار الحروف، وتظهر بصوته مختلطة، أو متداخلة، وقد لا يستطيع إظهار بعض الحروف فيُسقطها خلال النطق بالكلمات.
  • إذا كان القارئ عجمياً، ففي بعض الأحيان قد ينطق الحروف على غير صفاتها الأصلية، بسبب عدم وجودها في لغته.
  • الأميّة والتقدم في السن، تؤدي إلى تبديل أو تحريف الحروف والحركات، أو إظهار صفات الحروف كما تستحق.
  • كما أن اختلاف اللهجات قد يكون سببا مبرراً للوقوع باللحن بنوعيه.
  • جهل القارئ بأحكام وقواعد التجويد، أو عدم التمكن من تطبيقها، مما يؤدي بالقارئ إلى دمج الأحكام وعدم تمييز أحكام النون الساكنة والتنوين، من أحكام الميم الساكنة.
  • ضعف القارئ في التمكن من اللغة العربية وخاصة من الجانبين النحوي والصرفي، فيقع بالخطأ بسبب عدم التفريق بين الحركات وضبط الحروف.
  • عدم الاهتمام بتعلم القرآن الكريم، وعدم إعطاء التجويد حقه من التدريب والممارسة على الأداء الصحيح للقراءة.

اللحن الجلي في تلاوة القرآن الكريم

وهو الخطأ الذي يقع على الألفاظ فيبدل بمعاني الآيات القرآنية، ويخل بظاهر مقصدها، وأطلق عليه اسم اللحن الجلي؛ لأنه يكون خطأً ظاهراً واضحاً للقراء والمستمعين، وهذا النوع من اللحن محرّم بالإجماع.

ويكون اللحن الجلي على صور متعددة مثل تعويض الحروف مكان بعضها،  مثل نطق حرف الطاء تاء، أو نطق حرف الظاء زاياً، أو يظهر اللحن الجلي بصورة إبدال في الحركات، فينطق القارئ الفتحة كسرة، أو يُسكن حرفاً متحركاً، أو العكس، وقد يكون هذا التبديل سبباً في تغيير معنى الكلمات.

 اللحن الخفي في تلاوة القرآن الكريم

اللحن الخفي هو خطأ يقع بقواعد التجويد، وعدم إتمام اللفظ دون التغيير أو التبديل بمعنى الآيات أو تغيير وجه إعراب الكلمات، وسمي هذا النوع باللحن الخفي؛ كونه خطاً غير ظاهر للمستمعين من عامة الناس، ولا يمكن أن يشعر بهذا الخطأ أو يحيط به أحد إلّا القراء المتمكنين من أحكام التجويد والتلاوة.

ومن أمثله اللحن الخفي عدم إظهار الغنن والقصر بالمدود، ومثلها الخلط بين المرقق والمفخم من الحروف، كتفخيم الحروف المرققة، أو ترقيق الحروف المفخمة دائماً.

وينقسم اللحن الخفي إلى قسمين:

  • اللحن بسيط الخفاء: هو الخطأ البسيط الذي يمكن لعامة القراء تمييزه، كترك حكم من أحكام النون الساكنة، أو عدم وضوح القلقلة في حروفها وغيرها.
  • اللحن شديد الخفاء: وهو الخطأ الذي لا يمكن تمييزه وإدراكه إلا المهرة من القراء، ويتعلق بعدم التمكن من قواعد التلاوة وضبطها في أدق تفاصيل التجويد، مثل وصل المد أكثر من الحركات اللازمة لذلك، أو إظهار الغنة بالحد المراد، أو المبالغة في إظهار صفات الحروف.

شارك المقالة: