الحمد لله الّذي هيأ لهذه الأمّة من يجمع مصادرَ دينِها الحنيف، وجعل نسلها متكاثراً يحمل أمانة النّقل والرّواية من جيل إلى جيل، إلى أنْ يَرِثَ اللهُ الأرْضَ ومنْ علَيْها، بدأً بالصّحابة رضوان الله عليهم، منْ لَهم فضلُ الصّحبة برسول الله صلّى الله عليه وسلّم وحضور الوحيِ والتّنْزيلِ إلى أخرِ من نقلَ ووَعى وتعلَم، وقد كان للحديث النّبويّ الشّريف نصيبٌ في علمِهم وروايتِهم له، فكانوا هم الأمَناءّ على الرّواية، وقد كان من التّابعين من ساروا على نفس النّهج ومنهم من سنتكلَم عنه في هذه السّطور، إنّهُ المُختارُ بنُ فُلفُلٍ فتعالوا نقرأ في سيرته العَطرة.
نبذة عن المختار بن فلفل
هو التّابعيّ الجليلُ، المُخْتارُ بنُ فُلْفُل القُرَشِيُّ المخْزُوميّ ، من رواة الحديث النبوي الشريف من التّابعين، وكان يدعى بالكوفِيِّ لأنّه كان يسكن الكوفة وكان مولى لآلِ عمرو بنِِحُريثٍ وهو من صغار التّابعين، اشتهروا بالرّواية بالكوفة وكانت وفاتُه في ما يقارب العام الأربعين بعد المائة من الهجرة النّبويّة الشّريفة. يرحمُه اللهُ تعالى.
روايته للحديث
كان التّابعيّ المُختارُ بنُ فُلْفُل ممن روى الحديث النبوي الشريف عن أنس بن مالك من الصّحابة رضوان الله عليهم وقد ورد في روايتِه عن أنسِ في تهذيب التهذيب للعسقلانيّ أنّه من مناكير الرّواية عن أنس، وروى عن جملة من التّابعين من أمثال: إبراهيم بنِ يزيد والحسن البصريّوطلق بنِ حبيب وعمر بن عبدالعزيز يرحمهم الله، كما روى من طريقه الحديث كثيرٌ من الرّواة المحدّثين من أمثال: حَفصِ بنِ غِياثٍ وسفيان الثّوريّ وثابتِ بن حمّادٍ وابْنه بكرِ بنِ المُختارِ وغيرهم يرحمهم الله، وقد روى عنه الإمام مسلم والتّرمذيُّ والنَّسائيُّ وأبو داوود في السُّنن.
من رواية المختار للحديث
ممّا ورد من رواية الحديث النّبويّ الشّريف من رواية المُختارِبنِ فُلْفُلٍ ما أورده الإمام مسلم في صحيحه: ((حدّثنا أبو بكرِ بنُ أبي شيبَةَ حدّثنا حُسَيْنُ بنُ عليٍّ عنْ زائِدَةَ عنِ المُخْتارِ بنِ فُلْفُلٍ قالَ: قال أنَسُ بنُ مالكٍ قال: قالَ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (أنَا أوّلُ شفيعٍ في الجَنّةِ لَمْ يُصَدَّقْ نبيٌّ من الأنْبِياءِ ما صُدِّقْتُ وإنَّ منَ الأنْبِياءِ نَبِياً ما يُصَدِّقُهُ منْ أُمَّتِهِ إلّا رَجُلٌ واحدٌ )، من كتاب الإيمانِ، رقم الحديث 332/196 )).