تنوّعت المعاملات المالية المصرفية القائمة على أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، التي تتعلق في طُرق حصول الناس على الأموال أو تنميتها أو حفظها، وبيّن الإسلام مفهوم كل من هذه المعاملات وأحكامها وشروط العمل بها، للتسهيل على الناس التعامل بها، واختيار الأسلوب الأفضل والمناسب لتوفير الحاجات المادية والخدمات الضرورية لهم، وحفظ الأموال لأصحابها وتحقيق العدل بين الناس.
أنواع المعاملات المصرفية وأحكامها:
الودائع:
الوديعة هي أن يقوم شخص وهو المودِع بتوكيل آخر يُدعى المستودع بحفظ ماله عند الحاجة لذلك، وهي عقد شرعه الله تعالى لمساعدة الناس في حفظ أموالهم، كما جاء في قوله تعالى: “فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ” سورة البقرة آية 283. وعلى المستودع تسليم الوديعة لصاحبها المودع كما هي وبأي وقت يطلبها، ويضمن المستودع الوديعة إذا فرّط فيها أو خلطها بأمواله.
ويشترط بالوديعة أن يكون الطرفين شخصين عاقلين ومميّزين، وتكون الوديعة مما يمكن تسليمه في اليد للمستودع، وهناك مجموعة من الأحكام التي يجب الالتزام بها من قِبل المستودع، حتى يكون أدّى الأمانة كما تتطلّب مضامين عقد الوديعة بناءً على مبادئ الشريعة الإسلامية، مثل عدم جواز التصرّف بالوديعة دون إذن صاحبها، أو إيداعها عند شخص آخر.
القروض:
القرض هو تقاضي مبلغ من المال من شخص معيّن أو مؤسسة مالية مشروعة للانتفاع به، وردّه إلى صاحبه خلال فترة زمنية يتم الاتفاق عليها في بداية العقد، والقرض عقد مشروع ومستحب في الإسلام، بناءً على قوله تعالى: “مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ” سورة الحديد آية 11.
ويصح القرض في النقود والحيوانات وكل ما يمكن كيله بميزان وعروض التجارة، ولا يجوز استغلال حاجة الناس بالقرض، في الحصول على مصالح شخصية من المقترض مقابل منحه القرض، أو اشتراط الزيادة في المال عند إعادته، وهذا الأسلوب غير مشرع؛ لأنّه يعتبر من الأساليب الربوية التي حرمها الله سبحانه وتعالى.
بيع العملات بالأجل:
بيع العملات من العمليات المصرفية التي تقوم بها البنوك؛ لخدمة العملاء وتوفير حاجتهم منها وكسب الربح في التعامل فيها، حسب الأسعار المعروضة في ذلك الوقت. ويكون بيع العملات إما ببيع عملة بعملة من نفس الفئة، ويشترط فيها الحلول والتساوي والتقابض، أو بيع عملة بعملة من فئتين مختلفتين، ويشترط فيها التقابض والحلول، وهنا نتوصّل إلى عدم جواز الأجل في بيع العملات، وللقيام بتوفير خدمة العملات الأجنبية تقوم البنوك الإسلامية باتباع المبادئ الشرعية والالتزام بالشروط الواجب اتباعها لعملية تبادل العملات.
بيع السندات:
تقوم بعض الشركات التي تحتاج إلى تمويل بالتحايل للحصول على المال اللازم، من خلال عرض سندات بمبالغ معينة على أنّها شركة مساهمة، ويقوم المساهمون بشراء السندات ويحصل كل منهم على فائدة محدّدة حتى انتهاء الفترة المتفق عليها في العقد، حتى ترد له الشركة قيمة السند مع الفائدة، بحيلة الاستثمار والربح. وبيع السندات من العقود التي تتضمّن قرض بفائدة ربوية، رغم ربح الشركة المصدرة للسندات أو خسارتها، ومما سبق يتّضح لنا أنَّ بيع السندات من المعاملات المحرّمة والمنهي عنها، ولا يجوز العمل بها.
الفوائد التي يتقاضاها المسلم من البنوك الربوية عند الحاجة للتعامل معها:
يحتاج المسلم إلى التعامل مع البنوك الربوية، في حال حاجته لحفظ ماله أو التحويل ولم يجد غيرها، وعندما يأخذ الفائدة لا يجوز له الانتفاع منها أو خلطها بماله وتملكها، وعليه إنفاقها في أوجه الخير ومساعدة المحتاجين والمعسورين؛ لأن الفائدة الربوية حُكمها في حُكم المال الضار، ولا يجوز تركها في البنوك الربوية فقد يتم استخدامها لنُصرة أعداء المسلمين.