الهمزات الواقعة في القرآن الكريم

اقرأ في هذا المقال


القرآن الكريم نزل للمؤمنين في كل زمان و مكان، فلا تنقضي بركاته ولا تنتهي، فهو الكتاب الرباني الذي يوصل العبد بربه، فيجب تعلمه ودراسته وجوباً والبحث في علومه ومعارفه، وقد نزل عربياً محضاً أي بلغة العرب التي يفهمونها قال تعالى :”بِلِسَانٍ عَرَبِیّ مُّبِین” (سورة الشعراء: 195)، فوجب البحث في حروفه وحركاته وتعلمها وطريقة هجائها، وهو ما سيشرحه هذا المقال عن الهمزات الواقعة في القرآن الكريم.

الهمزات الواقعة في القرآن الكريم

الهمز هو الإلقاء بسرعة، والهمزة هي أول حروف الهجاء في اللغة العربية ويحتاج لإخراجه دفعه من أقصى الحلق مع ضغط الصوت وهو من أكثر الحروف صعوبةً، من حيث النطق لابتعاد مخرجه من أقصى اللسان، ويجتمع فيه صفتان صفة القوة وصفة الجهر.

أنواع الهمزات الواقعة في القرآن الكريم

1- همزة القطع: هي الألف المهموزة التي يوضع فوقها همزة، وترسم هكذا (ء) وتثبت ابتداءً ووصلاً كما في قوله تعالى :“إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ”(سورة الفتح:1)، وسميت بالقطع لأنها تقطع بعض الحروف عند النطق بها عن بعض وقد تأتي في أول الكلمة وفي الوسط وفي آخرها وتأتي في الأسماء كما في قوله تعالى: “وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى”( سورة طه:13)، وقال تعالى: “فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ”(سورة المائدة:117)، وقوله تعالى: “إِذَا ٱلسَّمَاۤءُ ٱنشَقَّتۡ”(سورة الانشقاق:1).

وفي الأفعال يمكن أن تأتي همزة القطع في الفعل الرباعي كما في قوله تعالى: “قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا”، وتأتي همزة أمر من الفعل الرباعي كما في قوله تعالى: “وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ” (سورة القصص:77)، وتأتي همزة مصدر من الفعل الرباعي كما في قوله تعالى: “وَوَصَّیۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ بِوَ ٰ⁠لِدَیۡهِ إِحۡسَـٰنًا” (سورة الأحقاف:15).

وفي الحروف تأتي همزة القطع في أول الكلام كما في قوله تعالى: “إِنَّاۤ أَعۡطَیۡنَـٰكَ ٱلۡكَوۡثَرَ” (سورة الكوثر:1)، وفي وسط الكلام كما في قوله تعالى: “حَتَّىٰۤ إِذَا ٱسۡتَیۡـَٔسَ ٱلرُّسُلُ” (سورة يوسف:46)، وقوله تعالى: “وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ” (سورة الطلاق:4)، وفي آخر الكلمة كما في قوله تعالى: “هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً” (سورة يونس:5)، وقوله تعالى: “وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ” (سورة النحل:5).

2- همزة الوصل: هي العلامة التي تشير على أنها تحمل إسماً وترسم هكذا (ٱ)، وتأتي في الأسماء إذا كانت همزة مصدر خماسي كما في قوله تعالى: “إِن كُنتُمۡ خَرَجۡتُمۡ جِهَـٰداً فِی سَبِیلِی وَٱبۡتِغَاۤءَ مَرۡضَاتِیۚ”(سورة الممتحنة:1)، وهمزة مصدر سداسي كما في قوله تعالى: “وَمَا كَانَ ٱسۡتِغۡفَارُ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ لِأَبِیهِ إِلَّا عَن مَّوۡعِدَةً وَعَدَهَاۤ إِیَّاهُ” (سورة التوبة:114)، وإذا جاءت أسماء معرفة بأل كما في قوله تعالى: “الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا”(سورة الأعراف:43).

وتأتي همزة الوصل في الأسماء الآتية أيضاً في الاسم (ابن) كما في قوله تعالى: “ذَ ٰ⁠لِكَ عِیسَى ٱبۡنُ مَرۡیَمَۖ”(سورة مريم:34)، و الاسم (امرؤ) كما في قوله تعالى: “إِنِ ٱمۡرُؤٌا۟ هَلَكَ” (سورة النساء:176)، والاسم (امرأة) نحو قوله تعالى: “وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ” (سورة التحريم:11).

وفي الأفعال من الأمر الثلاثي كما في قوله تعالى: “ٱنظُرۡ كَیۡفَ نُبَیِّنُ لَهُمُ ٱلۡـَٔایَـٰتِ ثُمَّ ٱنظُرۡ أَنَّىٰ یُؤۡفَكُونَ” (سورة الأنعام: 75)، و من الخماسي والسداسي نحو قوله تعالى: “وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ” (سورة القصص: 77)، وتأتي همزة مصدر من الفعل الرباعي كما في قوله تعالى: “وَوَصَّیۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ بِوَ ٰ⁠لِدَیۡهِ إِحۡسَـٰنًا” (سورة الأحقاف:15).

وهمزة الوصل مكانها في الحروف تكون مع اللام إما الشمسية أو القمرية ودائماً تكون مفتوحة وجوباً نحو قوله تعالى: “الرَّحْمَنُ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ، خَلَقَ الإنْسَانَ” (سورة الرحمن: 1-3)، “الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ” (سورة الرحمن:5).

حكم البدء بهمزة الوصل

همزة الوصل لها ثلاث أحكام كما يلي:

1- يتم البدء بها مفتوحة في الاسم المعرف بال مثل “الله“، “الرَّحْمَنُ“، “ٱلۡعَظِیمِ”، “ٱلرَّحِیمِ”، ” ٱلرَّزَّاقُ”.

2- يتم البدء بها مكسورة في الاسم المجرد من ال نحو امرء، اسم، ابن، ابنه، امرأة، وأيضاً في مصدر الفعل الماضي نحو” ٱسۡتِكۡبَار“، “ٱسۡتِغۡفَارُ“، وإذا كان ثالث الفعل مفتوحاً أو مكسوراً يتم البدء بهمزة الوصل مثل “ٱذۡهَبۡ“، “اسْمَع“.

3- يتم البدء بها مضمومة إذا كانت  ضماً لازماً مثل “اخْرُج“، “اعْبُدُو“، “اسْتُهزِئ“، اسْتُحْفِظُوا“، أما إذا كان ضماً غير لازم مثل “اقْضُوا“، “ابْنُوا“، “ائْتُونِي“، تقرأ مكسورة بإبدال الهمزة ياء.

متى تحذف همزة الوصل

1- تحذف همزة الوصل (نطقاً) في حال وصلها وعند اعتماد الحرف الساكن على ما قبله، ففي هذه الحالة لا تلفظ همزة الوصل.

2- إذا دخلت همزة القطع التي تدل على الاستفهام على همزة الوصل، ودخلت همزة القطع على همزة الوصل في سبعة مواضع هي:

أولاً: في كلمة أاتخذتم من قوله تعالى: “قُلۡ أَتَّخَذۡتُمۡ عِندَ ٱللَّهِ عَهۡداً” (سورة البقرة:80).

ثانياً: في كلمة أاطلع من قوله تعالى: “أَطَّلَعَ ٱلۡغَیۡبَ أَمِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحۡمَـٰنِ عَهۡدا” (سورة مريم:78).

ثالثاً: في كلمة أافترى من قوله تعالى: “أَفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا” (سورة سبأ:8).

رابعاً: في كلمة أاستكبرت من قوله تعالى: “أَسۡتَكۡبَرۡتَ أَمۡ كُنتَ مِنَ ٱلۡعَالِینَ” (سورة ص:75).

خامساً: في كلمة أاستغفرت من قوله تعالى: “سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ اَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ (سورة المنافقون:6).

سادساً: في كلمة أاصطفى من قوله تعالى: “أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ” (سورة الصافات:153).

سابعاً: في كلمة أاتخذناهم من قوله تعالى: “أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأبْصَارُ” (سورة ص:63).

3- إذا وقعت همزة الوصل بين همزة استفهام ولام التعريف ووقعت أيضاً في ستة مواضع:

الموضع الأول والثاني: في كلمة ءالذكرين والتي ذكرت في موضعين في سورة الأنعام من قوله تعالى: “قُلۡ ءَاۤلذَّكَرَیۡنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلۡأُنثَیَیۡنِ” (سورة الأنعام: 143- 144).

الموضع الثالث والرابع: في كلمة ءالآن وذكرت أيضاً في موضعين في سورة يونس من قوله تعالى: آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ“(سورة يونس: 91)، “آلآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ” (سورة يونس:51).

الموضع الخامس والموضع السادس: آالله من قوله تعالى: “قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ” (سورة يونس:59)، وقوله تعالى: “آللَّهُ خَيْرٌ أَمْ مَا يُشْرِكُونَ” (سورة النمل:59).

الفرق بين همزة الوصل وهمزة القطع

1- همزة الوصل لا تكون ساكنة بشكل دائم متحركة أما همزة القطع فتكون بشكل ساكن أو متحرك.

2- همزة الوصل تثبت في البدء وتسقط في الوصل، أما بالنسبة لهمزة القطع تثبت بشكل دائم في الوصل والبدء.

3- همزة القطع تكون في أول الكلمة ووسطها وآخرها أما همزة الوصل دائماً في أول الكلمة.

4- همزة القطع تأتي مع الفعل المضارع والرباعي والماضي الثلاثي، أما همزة الوصل فلا تأتي مع الأفعال.

5- همزة القطع تأتي مع الأسماء والأفعال والحروف بشكل مطلق أما همزة الوصل تأتي معهم في مواضع مخصوصة.

6- همزة الوصل لا تأتي إلا زائدة أما همزة القطع تأتي إما زائدة أو أصلية.

النوع الثالث: الهمزة التي تقع وسط الكلمة مثل قوله تعالى: “وَبِئْرٍمُعَطَّلَةٍ” (سورة الحج:45)، وأيضاً في وسط الكلمة بزائد متصل نحو: فَأْوُوا إِلَىالْكَهْفِ” (سورة الكهف:16)، وفي وسط الكلمة بزائد منفصل نحو: “ائْتُونِيبِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ” (سورة يوسف:59).

النوع الرابع: الهمزة المتطرفة وهي التي تكون في آخر الكلمة أو في طرف الكلمة فتكون الهمزة على حركة ما قبلها إما مفتوحة كما في قوله تعالى: “وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ” (سورة الإسراء:45)، وإما مكسورة نحو: “وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ” (سورة الأعراف: 204)، وإما مضمومة نحو: “قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ” (سورة الأنبياء:42).

وفي النهاية الهمزات الواقعة في القرآن الكريم علم لا ينتهي وهي أساس في كتاب الله عز وجل فتعلمها لازماً على قارئ القرآن ودارسه ومتعلمه، وقد اتفق على ذلك جميع القراء، وبها تضبط القراءة الصحيحة فهي أول الحروف الهجائية ترتيباً وقد لا يتسع الوقت للحديث عنها لغزارة علمها وبابها متسع فسبحان من نزل الذكر وحفظه.

المصدر: الهمزات الواقعة في القرآن الكريم،محي الدين عطية،2016.دراسات لأسلوب القرآن الكريم،محمد عبد الخالق،2007.الألفات ومعرفة أصولها،أبي عمرو الداني،2006. التجديد في الإتقان والتجويد،أبي عمرو الداني،1990.


شارك المقالة: