المناسبة في اللغة والإصطلاح .
ورد لفظ ( المناسبة) في اللغة بمعنى المقاربة والمشابهة والمشاكلة، يقال فلان يناسب فلاناً أي يقرب منه، وهي مصدر من الفعل (ناسب) والجمع مناسبات.
المناسبة في الاصطلاح: علم تُعرف به علل ترتيب أجزائه، وهو سرّ البلاغة.
وعرفها الأستاذ مناع القطان فقال:
(المناسبة وجه الارتباط بين الجملة، والجملة في الآية الواحدة، أو بين الآية والآية في الآيات المتعددة، أو بين السورة والسورة)
موقف العلماء من علم المناسبات
- ذهب جمهور المفسرين إلى القول بوجود التناسب بين آيات القرآن وسورة، قال العلّامة محمد الطاهر بن عاشور: وقد اهتمّت في تفسيري في هذا ببيان وجوه الإعجاز، ونكت البلاغة العربية، وأساليب الاستعمال واهتمّت أيضاً ببيان تناسب اتصال الآي بعضها ببعض، وهو منزع جليل قد عُني به الإمام فخر الدين الرازي وألّف فيه برهان الدين البقاعي كتابه المسمّى (نظم الدرر في تناسب الآيات والسور) إلّا أنّهما لم يأتيا في كثير من الآي بما فيه مقنع، فلم تزل أنظار المتأملين لفضل القول تتطلّع)
وقال الشيخ رشيد الخطيب الموصلي: (.. وإنّي قد التزمت فيه –أي في تفسيري- ما لم يلتزمه غيري من المفسرين: وهو بيان وجوه المناسبات بين جميع الآيات بقدر الإمكان، وذلك من جملة المهم في هذا التفسيرمن البيان)
- ذهب الشيخ محمد بن عبدالله الغزنوي إلى عدم القول بعلم المناسبات، وقد سمّاه ( بعلم متكلف) وذلك في تعليقاته على تفسير (جامع البيان في تفسير القرآن ) للشيخ معين الدين محمد بن عبدالرحمن الحسين الحسيني الايجي الشافعي المتوفي سنة 894 فقال :
إعلم أنّ كثيراً من المفسرين جاؤوا بعلم متكلّف، وخاضوا في بحر لم يكلفوا سباحته، واستغرقوا أوقاتهم في فن لا يعود عليهم بفائدة، بل أوقعوا أنفسهم في التكلّف بمحض الرأي المنهي عنه في الأمور المتعلقة بكتاب الله سبحانه .
وكلام الغزنوي هنا ليس بمسلم به، فإنّ هذا العلم غير متكلف، فلم يلو جمهور المفسرين عنق النصوص من أجل القول بالمناسبة ، فقد ذكروها إذا وجدوها، وسكتوا عنها إن لم تظهر لهم …. وقوله ( لا يعود عليهم بفائدة) فليس بصحيح، فإن فائدته كبيرة في إبراز جانب من جوانب إعجاز القرآن المتمثل في ربط بعضها ببعض، وربط نهاية السورة بأول السورة التي تأتي بعدها…
ويبدوا أن الغزنوي اطلع على شيء من الآراء في المناسبات التي لم تعجبه فذكر ما ذكر، وهكذا يكون رأي الجمهور وهو ما تطمئن إليه النفس.