لقدْ بيّنَ النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ في كثيرٍ منَ الأحاديثِ النّبويّةِ كثيراً منْ أشراطِ السّاعةِ، وقدْ كانَ ذلكَ ممّا أوحاهُ اللهُ تعالى لهُ منْ علمِ الغيبِ، وقدْ أعلمَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ عنها كثيراً منْ أصحابهِ لينقلوها إلى النّاسِ منْ بعدهمْ، وسنعرضُ حديثاً في بعضِ أشراطِ السّاعةِ وعلاماتِ قربها بها.
الحديث:
يروي الإمام البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ، حدّثنا هشامُ، حدّثنا قتادةُ، عنْ أنسٍ رضيَ اللهُ عنهُ قال: سمعتُ منْ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ حديثاً، لا يحدِّثُكمْ بهِ غيري، قال: “منْ أشراطِ السّاعةِ أنْ يظهرَ الجهلُ، ويقلَّ العلمُ، ويظهرُ الزّنى، وتُشربَ الخمرُ، ويقلَّ الرّجالُ، ويكثُرَ النّساءُ، حتّى يكونَ لخمسينَ امرأةً قيّمُهنَّ رجلٌ واحدٌ”)). رقمُ الحديث: 5577.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتبِ الأشربةِ، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أنسِ بنِ مالكٍ الأنصاريُّ النّجّاريُّ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ خادمُ النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ ومنَ المكثرينَ في روايةِ الحديثِ عنهُ منَ الصّحابةِ، أمّا رجالُ سندِ الحديثِ البقيّةِ:
- مسلمُ بنُ إبراهيمَ: وهوَ أبو عمرو، مسلمُ بنُ إبراهيمَ الأسديُّ الأزْديُّ (ت: 222هـ)، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ الثّقاتِ منْ تبعِ أتباعِ التّابعينَ.
- هشامُ: وهوَ أبو بكرٍ، هشامُ بنُ أبي عبدِ اللهِ سنبرٍ الدّستُوائيُّ (76ـ154هـ)، وهوَ منَ المحدّثينَ الثّقاتِ منْ أتباعِ التّابعينَ.
- قتادةُ: وهوَ أبو الخطّابِ، قتادةُ بنُ دِعامةَ السّدوسيُّ البصريُّ (60ـ117هـ)، وهوَ منْ مشاهيرِ التّابعينَ الثّقاتِ في رواية الحديثِ عنِ الصّحابةِ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى بعضٍ منْ علاماتِ اقترابِ السّاعةِ، وقدْ بيّنَ النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ أنّها منْ أشراطها ودلالاتُ اقترابها، وهي:
- ظهورُ الجهلِ: والمعنى منْ ذلكَ قلّةُ طلبِ العلمِ الشّرعيِّ والقرآنِ والحديثِ وما ينفعُ النّاسَ في أمورِ دينهمْ ودنياهمْ.
- قلة العلمُ: ويكونُ ذلكَ بقلّةِ العلماءِ وما يكونُ مقصداً لطلبِ العلمِ.
- ظهورُ الزّنى: ويكونُ ذلكَ بابتعادِ النّاس عنْ دينهمْ وتحليلهمِ الاعتداءُ على أعراضِ النّاسِ والتّهاونُ في ذلكَ.
- شربُ الخمرِ: ويكونُ ذلكَ نتيجةِ بعدِ النّاسِ عنْ دينهمْ، ومنَ المعلومِ أنّها منَ المعاصي.
- قلّةُ الرّجالِ وكثرةُ النّساءِ: وقدْ أوردَ العلماءُ في ذلكَ كثيراً منَ الأقوالِ منها ما يكونُ نتيجةً لقلّةِ وموتِ الرّجالِ في القتلِ والفتنِ وماهمْ معرّضينَ لذلكَ بها أكثرَ منَ النّساءِ، حتى يكثرَ بذلكَ أعدادُ النّساءِ مقارنةً بالرّجالِ، وحتّى يكونَ الرّجلُ مقابلَ خمسنَ منهنَّ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- علمُ النّبيِّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ بكثيرٍ منْ أشراطِ السّاعةِ وعلاماتها منَ الوحي الإلاهيِّ.
- منْ أشراطِ السّاعةِ كثرةٌ الجهل لقلّةِ العلمِ وظهورُ الفواحشِ وقلّةُ الرّجالِ مقارنةً بالنّساءِ.