لقدْ كانَ في الحديثِ النَّبويِّ كثيراً منَ الأحاديثِ الّتي أخبرَ بها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم عنْ علاماتِ السَّاعةِ وأشراطِها، وهذا ممَّا كانَ منْ وحيِّ الالهِ تعالى لنبيِّنا محمَّدٍ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ،وسنستعرضُ حديثاً يشيرُ إلى أشراطٍ للسَّاعةِ تسبقها.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ في الصَّحيحِ: ((حدَّثنا الحميديُّ، حدَّثنا الوليدُ بنُ مسلمٍ، حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ العلاءِ بنِ زَبرٍ، قالَ: سمعتُ بُسْرَ بنَ عُبيدِ اللهِ، أنَّهُ سمعَ أبا إدريسَ، قالَ: سمعتُ عوفَ بنَ مالكٍ قالَ: أتيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في غزوة تبوكَ، وهوَ في قبَّةٍ منْ أدمٍ، فقالَ: (اعددْ ستاً بينَ يديِ السَّاعةِ: موتي، ثمَّ فتحُ بيتِ المقدسِ، ثمَّ مُوتانٌ يأخذُ فيكمْ كقُعاصِ الغنمِ، ثمَّ استفاضةُ المالِ حتَّى يُعطَى الرَّجلُ مائةُ دينارٍ فيظلُّ ساخطاً، ثمَّ فتنةٌ لا يبقى بيتٌ منَ العربِ إلَّا دخلتهُ، ثمَّ هدْنةٌ تكونُ بينكم وبينَ بني الأصفرِ، فيغدُرونَ فيأتونكمْ تحتَ ثمانينَ غايةً، تحتَ كُلِّ غايةٍ اثنا عشرَ ألفاً). رقمُ الحديثِ: 3176)).
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ يرويهِ الإمامُ محمَّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصَّحيح في كِتابِ الجزيةِ، بابُ ما يُحذرُ منَ الغدْرِ، والحديثُ منْ طريقِ الصَّحابيِّ الجليلِ عوفِ بنِ مالكٍ الأشجعيِّ رضيَ اللهُ عنهُ(ت:73هـ)، وأمَّا بقيَّةُ رواةِ الحديثِ فهم:
- الحميديُّ: وهوَ أبو بكرٍ، عبدُ اللهِ بنُ الزُّبيرِ الحميديُّ (ت:219هـ)، وهوَ كمنْ تبعِ أتْباعِ التَّابعينَ في الرِّوايةِ.
- الوليدُ بنُ مسلمٍ: وهوَ أبو العبَّاسِ، الوليدُ بنُ مسلمٍ القرشيُّ (119ـ194هـ)، وهوَ منْ طبقةِ تبعِ الأتْباعِ.
- عبدُ اللهِ بنُ العلاء: وهوَ أبو زَبرٍ، عبدُ اللهِ بنُ العلاءِ الشَّاميُّ (75ـ164هـ)، وهوَ منْ أتْباعِ التَّابعينَ.
- بُسْرُ بنُ عبيدِ اللهِ: وهوَ بُسْرُ بنُ عبيدِ اللهِ الحضرميُّ (ت:110هـ)، وهوَ منْ أتْباعِ التَّابعينَ.
- أبو إدريسَ: وهوَ أبو إدريسَ، عائذُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عمرو الخولانيُّ (8ـ80هـ)، وهوَ منَ التَّابعينَ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ المذكورُ إلى إخبارِ النّبيِّ عنْ بعضِ علاماتٍ تسبقُ قيامَ السَّاعةِ، ومنها ما قدْ حدثَ ومنها ما لمْ يحدث، وأمَّا العلاماتُ المذكورةُ فقدْ عدَّ منْها في الحديثِ ستَّاً وهيَ:
- موتُ النَّبيِّ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: وموتهُ عليهِ السَّلامُ منْ علاماتِ السَّاعةِ لقولهِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: (بعثتُ أنا والسَّاعة كهاتينِ) وأشارَ بالسَّبَّابةِ والوسطى.
- فتح بيتُ المقدسِ: وقدْ حدثَ ذلكَ في عهدِ عمرَ بنِ الخطَّابِ دونَ قتالٍ، وعلى يدِ صلاحِ الدِّينِ الأيّوبيِّ.
- مُوتانٌ: والمقصودُ بالموتانِ قتلٌ وموتُ كثيرٍ يكونُ في النَّاسِ، ويأخذُ الأرواحَ كمرضٍ يصيبُ الغنمَ معروفٌ بالقُعاصِ، والقعاصُ مرضُ لا يبقي منَ الغنمِ إلا قتلتها.
- استفاضةُ المال: وهي علامةُ منْ علاماتِ السَّاعةِ بمرورِ وقتْ على الأمَّةِ يفيضُ المالُ عنْدَها قلا يقبلهُ أحدٌ لقلَّةِ فائدتِهِ وقيلَ لغنى النَّاسِ وترفهم.
- فتنةُ تدخل بيوتَ العرب جميعاً: ولا يعلمُ في هذهِ الفتنةِ إلَّا أنَّها عظيمةٌ تغيِّرُ النُّفوسَ وتخربُ البيوتَ واللهُ أعلمُ.
- هدنة بينَ المسلمينَ والرُّوم: وهي صلحُ بينَ المسلمينَ وبني الأصفرِ وبنو الأصفرِ همُ الرُّومُ في أصحِّ الأقوال، وبعدها يحدثُ نقضٌ للعهدِ منَ الرُّومِ ويحاربون المسلمينَ تحتَ ثمانينَ رايةً، وكلُّ رايةٍ تحتها اثني عشر ألفاً منَ الجنودِ.
ما يرشد إليه الحديث:
منْ فوائدِ الحديثِ:
- إخبارُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بأشراطِ السَّاعةِ دليلٌ على صدقِ رسالتهِ ونبوَّتِهِ.
- حدوثُ كثيرٍ منْ علاماتِ السَّاعةِ ممّا حدَّثَ بها عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ.