لقدْ كانَ لرسولِ الله صلّى الله عليه وسلّمَ منَ الأحاديثِ الّذي يخبرُ فيها بكثيرٍ منْ أشراطِ الساعة، وقدْ أخبرَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ بها الصّحابة ليبلّغوها للأمّةِ منْ بعده، وقدْ ثبتِ في الصّحيحِ منَ الأحاديثِ أنّ السّاعة لا تقومُ حتّى نحاربَ قوماً وجوههم المجان المطرقة، فتعالوا معنا في حديثِ يبيّن ذلك.
الحديث
أوردَ الإمامُ مسلمٌ يرحمهُ الله في الصّحيحِ: ((حدّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، وابنُ أبي عمرَ ـ واللّفظُ لابنِ عمرَ ـ قالا: حدّثنا سفيانُ، عنِ الزّهريِّ، عنْ سعيدٍ، عنْ أبي هريرةَ، أنّ النّبيَّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ قال: “لا تقومُ السّاعةُ حتّى تقاتلوا قوماً كأنَّ وجوههم المّجانُ المُطرَقةُ، ولا تقومُ السّاعةُ حتّى تقاتلوا قوماً نعالهمُ الشّعر”)). رقمُ الحديث: 62/2912.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاج النّيسابوريُّ في الصّحيحِ في كتاب الفتن وأشراط السّاعة، بابُ: (لا تقومُ السّاعةُ حتّى يتمنّى الرّجلُ أنْ يكونَ مكان الميّت)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي هريرةَ الدّوسيُّ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ عبدُ الرّحمنِ بنُ صخرٍ الدّوسيُّ (ت:57هـ)، وهو منْ أكثرِ الصّحابةِ روايةً للحديثِ النّبويِّ الشّريفِ، أمّا بقيّةُ رجالِ سندِ الحديث:
- أبو بكرُ بنُ أبي شيبةَ: وهوَ عبدُ الله بنُ محمّدِ بنِ إبراهيمَ العبسيُّ (159ـ235هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ رواية الحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- ابنُ أبي عمرَ: وهوَ أبو عبدِ الله، محمّدُ بنُ يحيى بنِ أبي عمرَ العدنيُّ (ت: 243هـ)، وهوَ أيضاً منْ تبعِ أتباع التّابعينَ الثّقات.
- سفيانُ: وهوَ أبو محمّدٍ، سفيانُ بنُ عيينةَ بنِ ميمونَ الهلاليُّ (107ـ198هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ أتباع التّابعينَ في رواية الحديثِ.
- الزهريُّ: وهوَ أبو بكرٍ، محمّدُ بنُ مسلمٍ الزّهريُّ (50ـ125هـ)، وهوَ منْ ثقات المحدّثينَ منَ التّابعينَ.
- سعيدٌ: وهوَ أبو محمّدٍ، سعيدُ بنُ المسيّبِ بنِ حزنٍ القرشيُّ (ت: 93هـ)، وهوَ منْ ثقات رواة التّابعينَ للحديثِ عنِ الصّحابةِ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى علامةٍ منْ علامات السّاعةِ وهي مقاتلةُ المسلمينَ للتّركِ، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّمَ أنّ السّاعةَ لن تقومُ حتّى يقاتلَ المسلمينِ قوماً وجوههم كالمجان المطرقة، والمجانُ هو التّرسُ الّذي يحمي به المقاتلُ نفسه منَ الضّرباتِ والمطرقةِ أي الّتي تكونُ مكسوّة بالجلدِ الغليظِ السّميكِ، وقدْ بيّن أهلُ العلمِ لما وردَ في شواهدَ أخرى أنّهم التّركُ لما في وجوههم منْ سمة المجان المطرقة في انبساطها وتدويرها، كما بيّن الحديثُ أنّهمْ ينتعلونَ نعالاً منْ شعرٍ، والله تعالى أعلمُ.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائد منَ الحديث:
- إخبار النّبيِّ عليه الصّلاة والسّلامُ بعلامات السّاعة دليلٌ على صدقِ نبوّته.
- مقاتلةُ التّركِ قبل قيام السّاعة منْ علاماتها.