لقدْ جاءَ في الحديثِ النّبويِّ الشّريفِ الكثيرُ منَ الشّواهدِ الّتي بيّنت للأمّةِ كثيراً منْ أحكامِ الأطعمةِ وآدابها، وما يحلُّ منها ومايحرّمُ، كما بيّنَ النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ ما يؤكلَ فيها منَ الآنيةِ وما يٌحرّمَ ، وما يؤكلُ منَ الصّيدِ، وسنعرضُ حديثاً في حكمِ الأكلِ بآنيةِ أهل الكتابِ وحكمِ الصّيدِ والأكلِ منهُ.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ في الصّحيحِ: ((حدّثنا أبو عاصمٍ، عنْ حيوةَ بنِ شُريحٍ، قال: حدّثني ربيعةُ بنُ يزيدَ الدّمشقيُّ، قال: حدّثني أبو إدريسَ الخولانيُّ، قال: حدّثني أبو ثعلبةَ الخُشَنيُّ قال: أتيتُ النّبيَّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنّا بأرضِ أهلِ الكتابِ، فنأكلُ في آنيتهمْ، وبأرضِ صيدٍ أصيدُ بقوسي، وأصيدُ بكلبيَ المُعلّمِ وبكلبيَ الّذي ليسَ بِمُعلّمٍ. فقال النّبيُّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ: “أمّا ما ذكرتَ أنّكَ بأرضِ أهلِ الكتابِ، فلا تأكلوا في آنيتهمْ، إلّا أنْ تجدوا بُدّاً، فإنْ لمْ تجدوا بدّاً، فاغسلوها وكلوا، وأمّا ما ذكرتَ أنّكمْ بأرضِ صيدٍ، فما صدْتَ بقوسكَ، فاذْكر اسمَ اللهِ وكُلْ، وما صدْتَ بكلْبكَ المُعلّمِ، فاذْكر اسمَ اللهِ وكُلْ، ما صدْتَ بكلْبكَ الّذي ليَس بمُعلّمِ فأدْركتَ ذكاتهُ فكُلْهُ”)). رقمُ الحديث: 5496.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ يرويه الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الذّبائحِ والصّيدِ، بابُ: (آنية المجوسِ والميتة)، والحديثُ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أبو ثعلبةَ الخشنيُّ الشّاميُّ(ت:75هـ)، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ المقلّينَ منَ الصّحابةِ عنْ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، أمَا بقيّةُ رجالِ السّندِ:
- أبو عاصمٍ: وهوَ الضّحاكُ بنُ مخلدٍ الشّيبانيُّ (121ـ211هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ رواية الحديثَِ منْ تبعِ أتباعِ التّابعينَ.
- حيوةُ بنُ شُريحٍ: وهوَ أبو زرعةَ، حيوةُ بنُ شريحِ بنِ صفوانَ التّجيبيُّ (ت:158هـ)، وهوَ منَ المحدّثينَ الثّقات منْ أتباع التّابعينَ.
- ربيعةُ بنُ يزيدَ: وهوَ أبو شعيبٍ، ربيعةُ بنُ يزيدَ الأياديُّ (ت:121هـ)، وهوَ منْ الرّواةِ الثّقاتِ للحديث منَ التّابعينَ.
- أبو إدريسَ الخولانيُّ: وهوَ عائذُ بنُ عبدِ اللهِ والمعروفِ بأبي إدريسَ الخولانيُّ عندَ أهل الحديث (ت: 80هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ التّابعينَ في رواية الحديثِ عنِ الصّحابةِ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى حكمِ الأكلِ في آنية أهلِ الكتابِ، كذلكَ حكمُ أكلِ ما يصادُ بالقوسِ والكلبِ المعلّمِ وغيرِ المعلّمِ، وقدْ نهى النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ عنِ الأكلِ في آنيةِ أهلِ الكتابِ إذا لمْ يجدِ المسلمَ غيرها، والحكمةُ منْ ذلكَ أنّ أهلَ الكتابِ مع شرعيّةِ أكلِ ذبيحتهمْ لا يتجنّبونَ النّجاسةَ مثلَ المسلمينَ، كما أنّهمْ يأكلونَ فيها ما حُرِّمَ على المسلمينَ ويشربونَ الخمرَ فيها، فأمرَ النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ بغسلها والأكلِ فيها إذا لمْ يجدوا غيرها، كما يشيرُ الحديثُ إلى حكمِ أكلِ ما يصادُ بالقوسِ والكلبِ المعلّمِ المعروفِ وغيرِ المعلّمِ عندما يثبتُ ذكاتُهُ أي شرعيّة ما يصطادُ فيحلُّ أكْلهُ بعدَ ذكرِ اسمِ اللهِ عليه ، واللهُ تعالى أعلمُ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائدِ منَ الحديثِ:
- النّهي عنِ الأكلِ في آنيةِ أهل الكتابِ إذا وجدَ بديلاً.
- إذا لمْ يجدِ المسلمُ بديلاً عن آنية أهل الكتابِ فليغسلها وليأكلْ فيها.
- جوازُ الأكلِ منَ الصّيدِ بالقوسِ وبالكلبِ.