لقدْ كانَ منْ حديثِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ منَ الشّواهدِ ما كانَ فيها منَ الآدابِ والأخلاقِ الّتي تعلّمها الصّحابةُ ونقلوها للأمّةِ منْ بعدهمِ، ولمْ يتركِ النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ منْ شيءٍ سئلَ عنهُ أو حدثَ في زمنهِ إلّا علّمه لهمْ، حتّى حكمُ الخذفِ وهي ما يرمى بها الحجرُ، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث:
أوردُ الإمامُ البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا آدمُ، حدّثنا شعبةُ، عنْ قتادةَ قال: سمعتُ عقبةَ بنُ صهبانَ الأزْديُّ يحدّثُ عنْ عبدِ اللهِ بنِ مغفّلٍ المُزَنيُّ، قال: نهى النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ عنْ الخّذْفِ، وقال: “إنّهُ لا يقتُلُ الصّيْدَ ولا ينْكأُ العدُوَ، وإنّهُ يفقأ العينَ ويكسرُ السّنَّ”)). رقمُ الحديث: 6220.
ترجمة رجال الحديث:
الحديث المذكورُ يوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الأدبِ، باب: (النّهيِّ عنِ الخذْفِ)، والحديث جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ عبدِ اللهِ بنِ مغفّلٍ المزنيُّ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ منْ صحابةِ النّبيِّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ، وأمّا بقيّةُ رجالِ سندِ الحديث:
- آدمُ: وهوَ أبو الحسنِ، آدمُ بنُ أبي إياسٍ العسقلانيّ (132ـ220هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ رواية الحديث منْ تبعِ أتباعِ التّابعينَ.
- شعبةُ: وهوَ أبو بسطامٍ، شعبةُ بنُ الحجّاجِ العتكيُّ (82ـ160هـ)، وهوَ منْ مشاهيرِ ثقاتِ المحدّثينَ منْ أتباعِ التّابعينَ.
- قتادةُ: وهوَ أبو الخطّابِ، قتادةُ بنُ دِعامةَ السّدوسيُّ (60ـ117هـ)، وهوَ منَ المحدّثينَ الثّقاتِ منَ التّابعينَ.
- عقبةُ بنُ صبهان: وهوَ عقبةُ بنُ صبهانَ الهنانيُّ الأزْديُّ (ت: بعد70هـ)، وهوَ منَ التّابعينَ الثّقاتِ في رواية الحديثِ عنِ الصّحابةِ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديث المذكورُ إلى النّهيِّ عنْ الخذْفِ، والخذْفُ هوَ ما تلْقى به الحصا باليدِ أوْ بما يسمّى بالمخذّفةِ الّتي يوضعُ فيها الحجرُ ويلْقى منَ القماشِ أوْ المطّاطِ الصّناعيُّ، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ عنِ الحكمةِ في النّهيِّ عنها أنّها لا تصيبُ الصّيْدَ ولا العدُوَّ بمقدارِ ما تودي بالأذى بفقأ العينِ وكسرِ سنِّ الآدميُّ، ومنَ المعلومِ في شريعتنا حرمةُ ما يؤذي وما يؤدِّي إلى المساسِ بالإنْسانِ، ولذلكَ لا يجوزُ استخدامُها كما يستخْدمها كثيرٌ منْ أطْفالِ المسلمينَ في رمي الحجارةِ بها لما لها منْ نتائجَ تضرُّ بغيرهمْ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- حرصُ الإسلامِ على الحفاظِ على الإنْسانِ ونهيه لكلِّ ما يعرَّضه للخطرِ.
- النّهي عنِ الخذفِ الّذي يعرضُ البشرَ للخطرِ.