لقدْ كانَ لنا في رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أسوةٍ حسنةٌ، وفي حديثهِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ما يعلِّمنا منَ العباداتِ وهيئاتها، ومنَ النَّوافلِ ما كانَ لهُ منَ التَّعليمِ لنا، ومنَ النَّوافلِ الّتي علَّمنا إياها صلاةُ الوترِ، وقدْ كانَ لها هيئةٌ في السَّفرِ والحضرِ، وسنعرضُ حديثاً في صلاتهِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ للوترِ على الدَّابَّةِ.
الحديث:
يروي الإمام البخاريُّ رحمهُ اللهُ تعالى في الصَّحيحِ: ((حدَّثَنا إسماعيلُ، قال: حدَّثَني مالكٌ، عنْ أبي بكرِ بنِ عمرَ بنِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عبداللهِ بنِ عمرَ بنِ الخطَّابِ، عنْ سعيدِ بنِ يسارٍ، أنَّهُ قال: كنتُ أسيرُ معْ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ بطريقِ مكَّةَ، فقال سعيدٌ: فلمَّا خشيتُ الصُّبحَ نزلتُ فأوْترتُ ثمَّ لحقتُهُ، فقالَ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ: أينَ كنتَ؟ فقلتُ: خشيتُ الصُّبحَ فنزلتُ وأوْترتُ. فقالَ عبدُ اللهِ: أليسَ لكَ في رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إسوةٌ حسنةٌ؟ فقلتُ: بلى واللهِ. قالَ: فإنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ يوتِرُ على البعير)). رقمُ الحديث: 999.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ يرْويهِ الإمامُ محمَّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في صحيحه في كِتابِ الوترِ؛ بابُ الوترِ على الدَّابَّةِ، والحديثُ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضيَ اللهُ عنهُما، وهوَ عبدُ اللهِ بنِ عمر بنُ الخطَّابِ القرشيُّ منْ المكثرينَ في روايةِ الحديثِ منَ الصَّحابةِ، أمَّا بقيَّةُ رجالِ الحديثِ:
- إسماعيل: وهو أبو عبدِ اللهِ، إسماعيلُ بنُ عبدِ اللهِ الأصبحيُّ المّدنيُّ (139ـ226هـ)، وهوَ منْ تبعِ أتْباعِ التَّابعينَ في رواية الحديثِ.
- مالكٌ: وهوَ الإمامُ مالكُ بنُ أنسٍ إمامُ دارِ الهجرةِ وصاحبُ المذهب المالكيِّ (93ـ179هـ)، وهوَ منَ المحدّثينَ الثِّقاتِ منْ أتْباع التَّابعينَ.
- أبو بكرٍ: وهوَ أبو بكرِ بنِ عمرَ بنِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ بنِ الخطَّابِ القرشيُّ (ت:142هـ)، وهوَ منَ المحدِّثينَ منْ أتْباعِ التَّابعينَ.
- سعيدُ بنُ يسارٍ: وهوَ أبو الحبّابِ، سعيدُ بنُ يسارٍ المدنيُّ (37ـ117هـ)، وهوِ منْ المحدِّثينَ الثِّقاتِ منَ التَّابعينَ.
دلالة الحديث:
الحديثُ يشيرُ إلى رخصةٍ منَ النّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في صلاةِ الوترِ، وهي فيما يرويهِ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ بنِ الخطَّابِ عندما سألَ سعيدَ بنَ يسارٍ عنْ سببِ تأخُّرِهِ فأخبرهُ أنَّهُ تأخَّرَ ليصلِّي الوترَ خشيةَ طلوعِ الصُّبحِ، فأخبرهُ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ أنَّ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ يُصلِّي الوترَ على البعيرِ أوِ الدَّابَّةِ، وفي الحديثِ أيضاً دليلٌ على المواضبةِ على صلاةِ الوترِ والنَّافلةِ لأجرها.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الدُّروسِ والعبرِ المستفادةِ منَ الحديث:
- القدوةُ برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلّمَ.
- فضلُ صلاةِ الوتر والمواضبةِ عليها.
- جوازُ صلاةِ الوترِ على الدَّابَّةِ.