لقدْ شرعَ الإسلامُ الزّواجَ وبيّنَ أحكامه وما يتّصلُ به منَ التّشريعاتِ، ولقدْ بيّنَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ في الحديثِ ما يحلُّ للرّجلِ المسلمِ منَ النّساءِ وما يحرّمُ عليهِ، وممّا حرّمَ الإسلامُ نكاحهُ الأصولُ والفروعُ، كما حرَّم أنْ يجمعَ الرّجلُ بينَ المرأةِ وأختها، وسنعرضُ حديثاً في التّحريمِ للجمعِ بينَ الأختينِ.
الحديث:
أوردَ الإمامُ البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا عبدُ اللهِ بنُ يوسفَ، حدّثنا اللّيثُ، عنْ عقيلٍ، عنِ ابنِ شهابٍ، أنَّ عروةَ بنَ الزّبيرِ أخبرهُ، أنَّ زينبَ بنتَ أبي سلمةَ أخبرتهُ، أنَّ أمَّ حبيبةَ قالت: قلتُ يا رسولَ اللهِ، انكِحْ أُختي بنتَ أبي سفيانَ. قال: “وتُحبّينَ؟”. قلتُ: نعمْ، لستُ لكَ بمُخْلِيةٍ، وأحبُّ منْ شاركني في خيرٍ أختي. فقالَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ: “إنَّ ذلكَ لا يحلُّ لي”. قلتُ: يا رسولَ اللهِ، فوالله إنَّا لنتحدّثُ أنَّكَ تريدُ أنْ تَنكحَ درَّةَ بنتَ أبي سلمةَ. قال: “بنتَ أمِّ سلمةَ”. فقلتُ: نعمْ. قال: “فواللهِ لو لمْ تكنْ في حجري ما حلّتْ لي، إنَّها لابنةُ أخي منَ الرّضاعةِ، أرضعتني وأبا سلمةَ ثويبةَ، فلا تعرضنَّ عليَّ بناتِكنَّ ولا أخواتِكنَّ”.)). رقمُ الحديث:5107.
ترجمة رجال الحديث:
الحديث المذكورُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ النّكاحِ، بابُ (وأنْ تجمعوا بينَ الأختينِ إلّا ما قدْ سلفَ)، والحديث من طريقِ الصّحابيّةِ الجليلةِ أمِّ المؤمنينَ حبيبةَ بنتِ أبي سفيانَ رضي اللهُ عنها، أمّا رجالُ سندِ الحديثِ الآخرونَ:
- عبدُ اللهِ بنُ يوسفَ: وهو أبو محمّدٍ، عبدُ اللهِ بنُ يوسفَ التّنّيسيُّ (ت: 218هـ)، وهوَ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ الثّقاتِ في رواية الحديث.
- اللّيثُ: وهوَ أبو الحارثِ، اللّيثُ بنُ سعدٍ الفهميُّ (94ـ175هـ)، وهوَ منَ المشاهيرِ المحدّثينَ الثّقاتِ في رواية الحديث.
- عُقيلٌ: وهوَ أبو خالدٍ، عُقيلُ بنُ خالدٍ الأيليُّ القرشيُّ (ت:144هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ المحدّثينَ منْ أتباع التّابعينَ.
- ابنُ شهابٍ: وهوَ أبو بكرٍ، محمّدُ بنُ مسلمْ الزّهريُّ (50ـ125هـ)، وهوَ منْ المحدّثينَ الثّقاتِ منَ التّابعين.
- عروةُ بنُ الزّبيرِ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، عروةُ بنُ الزّبيرِ بنِ العوّامِ القرشيُّ (23ـ94هـ)، وهوَ منَ التّابعينَ الثّقاتِ.
- زينبُ بنتُ أبي سلمةَ: وهي ربيبةُ النّبيِّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ (ت:73هـ)، وهي على الأصحِّ منَ الصّحابةِ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ المذكورُ إلى حكمِ تحريمِ الجمعِ بينَ الأختينِ، وهوَ أنْ يتزوّجَ الرجلُ المرأةَ وأختها، وأنْ يكونانِ على ذمّتهِ في نفس الوقتِ، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ حكمَ ذلكَ في الحديثِ عندما عرضتْ عليهِ زوجُهُ أمُّ حبيبةَ أنْ يتزوّجَ منْ أختها، فأخبرها بأنّها لا تحلُّ له، ولمّا أخبرتهُ عنْ ما سمعتْ منْ خبرِ أنّهُ يريدُ الزّواجَ منْ درَّةَ بنتِ أبي سلمةَ أخبرها بأنّها لا تحلُّ له لأنّها ابنةُ أخيهِ منَ الرّضاعةِ، وفي هذا دلالةٌ أيضاً على تحريمِ ما يحرمُ منَ الرّضاعِ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائدِ منَ الحديثِ:
- تحريمُ الجمعِ في الزّواجِ بينَ الأختينِ.
- تحريمُ الزّواجِ ممّا يحرمُ منَ الرّضاعة.