لقدْ كانَ للصّلاة في الإسلامِ منَ الأحكامِ الّتي بيّنها النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّمَ وعلّمها للصّحابة رضوان الله عليهم، كما بيّن عليه الصّلاة والسّلامُ كثيراً منَ الرّخصِ فيها كالجمع بين الصّلواتِ، وسنعرضُ حديثاً في جمعه عليه الصّلاة والسّلام بين الصّلاتينِ.
الحديث
أوردَ الإمامُ التّرمذيُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيح: ((حدّثنا قتيبةُ، قال حدّثنا اللّيثُ بنُ سعدٍ، عنْ يزيدَ بنِ أبي حبيبٍ، عنْ أبي الطّفيلِ، عنْ معاذِ بنِ جبلٍ أنّ النّبيَّ صلّى الله عليه وسلّمَ كانَ في غزوةِ تبوكٍ إذا ارتحلَ قبلَ زيغِ الشّمسِ، أخّرَ الظّهرَ إلى أنْ يجمعها إلى العصرِ، فيصلّيها جميعاً، وإذا ارتحلَ بعدَ زيغِ الشّمسِ عجّلَ العصرَ إلى الظّهرِ، وصلّى الظّهرَ والعصرَ جميعاً ثمّ سارَ، وكانَ إذا ارتحلَ قبلَ المغربِ أخّرَ المغربَ حتّى يصلّيها معَ العشاءِ، وإذا ارتحلَ بعدَ المغربِ عجّل العشاءَ فصلّاها مع المغربِ)). حكمُ الحديثِ صحيحٌ ورقمهُ: (553).
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ أوردهُ الإمامُ أبو عيسى، محمّدُ بنُ عيسى التّرمذيُّ في الجامع الصحيح في أبواب السّفرِ، بابُ ما جاءَ في الجمعِ بينَ الصّلاتينِ، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ معاذِ بنِ جبلٍ الأنصاريّ الخزرجيِّ رضي اللهُ عنهُ، وهوَ منْ المكثرينَ في رواية الحديثِ منَ الصّحابة، أمّا بقيّة السّندِ منَ الرّجال:
- قتيبة: وهوَ أبو رجاءٍ، قتيبةُ بنُ سعيدِ بنِ جميلٍ الثّقفيُّ (148ـ240هـ)، وهوَ منْ ثقات رواية الحديث منْ تبع أتباع التّابعينَ.
- اللّيثُ بنُ سعدٍ: وهوَ أبو الحارثِ، اللّيثُ بنُ سعدٍ الفهميُّ (94ـ175هـ)، وهوَ منْ ثقات المحدّثينَ منْ أتباع التّابعينَ.
- يزيد بن أبي حبيب: وهوَ أبو رجاءٍ، يزيدُ بنُ سويدٍ الأزديُّ (53ـ128هـ)، وهوَ منْ ثقات الرّواة للحديثِ منَ التّابعينَ.
- أبو الطّفيل: وهوَ عامرُ بنُ واثلةَ اللّيثيُّ (ت: 100هـ)، وهوَ منَ الصّحابة الرّواة للحديث، وأخرُ منْ رأى النّبيَّ عليه الصّلاة والسّلام.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى رخصةٍ منْ رخصِ الصّلاة وهي الجمعُ بينَ الصّلاتينِ، وقدْ بيّن الحديثُ فعلَ النّبيِّ عليه الصّلاة والسّلام في السفرِ في الجمعِ بينَ الظّهرِ والعصرِ تقديماً في حال سفره عليه الصّلاة والسّلام في حالِ زوال الشّمسِ نحو المغربِ، وتأخيراً في حالِ سفرهِ قبل الزّوال، وكذلكَ المغرب مع العشاء تقديماً في حالِ سفره بعدَ المغربِ، وتأخيراً إذا سافرَ قبل المغربِ، وفي هذا يبيّنُ حرصَ الإسلامِ على التّسهيلِ والتخفيف على المسلمينَ ورفعِ الحرجِ.
ما يرشد إليه الحديث
من الفوائد من الحديث:
- رفع الحرج عن المسافر بالجمع بين الصلاتين.
- مشروعية الجمع في السفر.