لقدْ بعثَ اللهُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم وحياً يوحى إليهِ، وعصمهُ منَ الكذبِ والخطأ في مجال التَّشريعِ لأنَّهُ مبلِّغٌ لرسالةٍ اللهِ تعالى الكاملة، وقدْ حرَّمتِ الشَّريعَةُ الإسلاميَّةُ الكذبَ مطلقاً، وجعلتْ الكذبَ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ منْ أعظمِ الكذبِ، وسنعرضُ حديثاً يدلُّ على ذلكَ.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ يرحمُهُ اللهُ في صحيحه: ((حدَّثنا عليُّ بنُ الجعدِ، قالَ: أخبرنا منصورٌ، قالَ: سمعتُ رِبعيَّ بنَ حراشٍ يقولُ:سمعتُ عليَّاً يقولُ: قالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (لا تكذبوا عليَّ؛ فإنَّهُ منْ كذبَ عليَّ فليلجِ النَّارَ). رقمُ الحديثِ: 106)).
ترجمة رجال تالحديث:
الحديثُ يرويهِ الإمامٌ محمَّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في صحيحهِ في كِتابِ العلمِ، بابُ إثمِ من كذبَ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، كما رواهُ الإمامُ مسلمٌ في صحيحهِ في المقدِّمةِ بابُ تغليظِ الكذبِ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، والحديثُ منْ طريقِ عليٍّ، وهوَ الصَّحابيُّ الجليلُ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنهُ منَ الصَّحابَةِ المكثرينَ للحديثِ عنْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، أمَّا بقيَّةُ رجالِ الحديثِ فهم:
- عليُّ بنُ الجعدِ: وهوَ عليُّ بنُ الجعدِ بنِ عبيدٍ الجوهريُّ (134ـ230هـ)، وهوَ منْ تبعِ أتْباعِ التَّابعينَ في الحديثِ.
- شعبةٌ: وهوَ شعبةُ بنُ الحجَّاجِ العتكيُّ (82ـ160هـ)،وهوَ منْ أشهرِ منْ أتْباعِ التَّابعينَ.
- منصورٌ: وهوَ منصورُ بنُ المعتمرِ بنِ عبدِ اللهِ السَّلميُّ (ت:132هـ)، وهوَ منْ المحدِّثينَ المشهورينَ منْ أتباعِ التَّابعينَ.
- ربعيُّ بنُ حِراشٍ: وهو ربعيُّ بنُ حِراشٍ الغطفانيُّ القيسيُّ (ت:100ه)، وهوَ منَ التَّابعينَ في روايةِ الحديثِ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى حرمةِ الكذبِ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وذلكَ بأنْ ينسبَ لهُ منْ قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ أو صفةٍ مالم تكنْ منَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أوْ بهِ منَ الصَّفاتِ، وسببُ تحريمِ الكذبِ لأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مشرِّعُ لشريعةٍ سماويَّةٍ لا يجوزُ أنْ ينسبَ لها الخطأً والكذب، وقدْ جعلها النَّبيُّ منَ الكبائرِ الّتي جزاؤها النَّارُ، وقدْ ظهرَ في أزمانٍ تبعتْ عصرهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أقوامٌ زادوا وغيَّروا في حديثهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، لذلكَ كانَ التَّحريمُ للكذبِ عليهِ كبيرةٌ لما قدْ يتسببُ بهِ الكذبُ عليهِ منَ التَّغييرِ كتحريمِ حلالٍ أو تحليلِ حرامٍ أو إضافةِ حكمٍ ليس لهُ صلةٌ بديننا الحنيفِ وشرائعهِ وأحكامه.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الدُّروس والعبرِ المستفادةِ منَ الحديثِ:
- تحريمُ الكذبِ مطلقاُ، والكذبُ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ منْ أعظمِ الكذبِ.
- الرَّسولُ مشرِّعُ وجبَ الأخذُ بما جاءَ منهُ دونَ زيادةٍ أو نقصانٍ.
- تشريعاتُهُ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ وحيُّ كاملُ بوصفها إلاهيَّةُ المصدرِ.
- وجوبُ محاربةِ الوضعِ في حديثِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.
- وجوبُ المحافظِ على السُّنَّةِ والحديثِ واتِّباعها.