لقدْ كانَ للنّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ منَ التّعاليمِ الّتي تهذّبُ نفسَ المسلمِ وتمنعهُ منَ الاعتداءِ على حقوقِ الغيرِ، وقدْ غلّظَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ في جرمِ منْ حلفَ اليمينَ واقتطعَ به حقَّ الغيرِ، ووعدهُ بالغضبِ والعذابِ، وسنعرضُ حديثاً في عقوبةِ منْ حلفَ اليمينَ كاذباً في ذلكَ.
الحديث
أوردَ الإمام البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا محمّدُ بنُ بشّارٍ، حدّثنا ابنُ أبي عديٍّ، عنْ شعبةَ، عن سليمانَ ومنصورٍ، عنْ أبي وائلٍ، عنْ عبدِ اللهِ رضيَ اللهُ عنهُ، عنِ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ قال: “منْ حلفَ على يمينٍ كاذبةٍ ليقتطِعَ بها مالَ رجلٍ مسلمٍ ـ أوْ قال: أخيهِ ـ لقيَ اللهَ وهوَ عليه غضبانُ” فأنْزلَ اللهَ تصديقَهُ: {إنَّ الّذينَ يشترونَ بعهدِ الله})). رقمُ الحديث: 6659.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيل البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الأيمانِ والنّذورِ، بابُ: (عهدِ الله عزّ وجلَّ)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ الهذليُّ رضي الله عنه، وهوَ منَ المكثرينَ في رواية الحديثِ منَ الصّحابةِ عنْ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، ورجالُ السّندِ البقيّةِ هم:
- محمّدُ بنُ بشّارٍ: وهوَ أبو بكرٍ، بندارُ، محمّدُ بنُ بشّارٍ العبديُّ (167ـ252هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ تبعِ أتباع التّابعينَ الثّقاتِ في الحديثِ.
- ابنُ أبي عديٍّ: وهوَ أبو عمرو، محمّدُ بنُ إبراهيمَ السّلميُّ (ت: 194هـ)، وهوَ منَ الرّواةِ الثّقات للحديثِ منْ أتباع التابعين.
- شعبةُ: وهوَ أبو بسطامٍ، شعبةُ بنُ الحجّاجِ العتكيُّ (82ـ160هـ)، وهوَ منْ مشاهيرِ المحدّثينَ منْ أتباع التّابعينَ.
- سليمان: وهوَ أبو محمّدٍ، سليمانُ بنُ مهرانَ الأعمشُ (61ـ145هـ)، وهوَ منْ كبارِ المحدّثينَ الثّقاتِ منَ التّابعينَ.
- منصورٌ: وهوَ أبو عتابٍ، منصورُ بنُ المعتمرِ السّلميُّ (ت: 132هـ)، وهوَ منَ التّابعينَ الثّقاتِ في الحديثِ منَ التّابعينَ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى كبيرةٍ منَ الكبائرِ الّذي نهى عنها الإسلامُ، وأكّدَ النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ على تحريمها، وهي الحلفُ كذباً في اليمينِ وشهادةُ الزّورِ الّتي تسبّبُ في أكلِ حقوقِ الغيرِ وانتقاصها، وقدْ بيّنَ النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ أنّها منَ الكبائرِ الّذي يلقى بها صاحبها ربّنا عزّ وجلَّ وقدْ غضبَ عليه ، وفي هذا دعوةُ إلى مراقبةِ الله تعالى في الشّهادةِ وحلفِ اليمينِ كي لا يلقى المسلمُ فيها ربّهُ وفي ذمّتهِ حقوقَ الغيرِ ممّنْ ساهمَ في أخذها بهتاناً باليمينِ الكاذبةِ، وقدْ نزلَ في تصديق حديث النّبيِّ عليه الصّلاة والسّلامُ قولَ الله تعالى: (إنَّ الّذين يشترونَ بعهدِ الله ثمناً قليلاً).
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائد منَ الحديث:
- المؤمنُ لا يشهدُ الزّورَ ولا يحلفُ يميناً كاذباً.
- منْ حلفَ يميناً كاذباً انتقص به منْ حقِّ غيره لقيَ الله وهوَ غضبانُ عليه .