إنّ الله تعالى خلقَ الخلقَ وأمرهم بعبادته وذكرهِ والبعدِ عنْ معصيته، وقدْ كانَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمُ يكثرُ ذكرَ الله ويعلّمُ أصحابه ذكرَ الله وفضله، وقدْ بيّنَ النّبيُ عليه الصّلاةُ والسّلامُ في كثيرٍ منَ شواهدِ الحديثِ فضلُ الذكرِ في حياة العبدِ، ولا سيّما مجالسُ الذّكر الّتي يجتمعُ عليها النّاسُ، وسنعرضُ حديثاً في فضلِ مجالسِ الذّكر.
الحديث
أوردَ الإمامُ مسلمٌ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا محمّدُ بنُ المثنّى، وابنِ بشارٍ، قالا: حدّثنا محمّدُ بنُ جعفرٍ، حدّثنا شعبةُ، سمعتُ أبا إسحاقٍ يحدّثُ عنِ الأغرِّ أبي مسلمٍ، أنّهُ قال: أشهدُ على أبي هريرةَ، وأبي سعيدٍ الخدريِّ، أنّهما شهدا على النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، أنّهُ قال: “لا يقعدُ قومٌ يذكرونَ الله عزّ وجلَّ إلّا حفّتهمُ الملائكةُ، وغشيتهمُ الرّحمةُ، ونزلتْ عليهم السّكينة، وذكرهمُ الله فيمنْ عندهُ”)). رقمُ الحديث: 39/2700.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ النّيسابوريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الذّكر والدّعاءِ والتّوبة والاستغفار، بابُ: (فضلُ الاجتماع على تلاوة القرآن)، والحديُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيّانِ الجليلانِ أبي هريرةَ عبدُ الرّحمنِ بنِ صخرٍ الدّوسيِّ وأبي سعيدٍ الخدريِّ رضي اللهُ عنهما، وهما منَ المكثرانِ في رواية الحديثِ منَ الصّحابةِ، أمّا بقيّةُ الرّجالِ في السّندِ:
- محمّدُ بنُ المثنّى: وهوَ أبو موسى، محمّدُ بنُ المثنّى بنِ عبيدٍ العنزيُّ (167ـ252هـ)، وهوَ منْ ثقات رواية الحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- ابنُ بشارٍ: وهوَ أبو بكرٍ، بندارُ، محمّدُ بنُ بشارٍ العبديُّ (167ـ252هـ)، وهوَ منْ الرّواة الثّقات منْ تبعِ الأتباع.
- محمّدُ بنُ جعفرٍ: وهوَ أبو عبدِ الله غندرُ، محمّدُ بنُ جعفرٍ الهذليُّ (ت: 193هـ)، وهوَ منْ المحدّثينَ الثّقات منْ تبعِ الأتباع.
- شعبةُ: وهوَ أبو بسطامٍ، شعبةُ بنُ الحجّاجِ العتكيُّ (82ـ160هـ)، وهوَ منْ شيوخ المحدّثينَ الثّقات منْ أتباع التّابعينَ.
- أبو إسحاق: وهوَ عمرو بنُ عبدِ الله الهمدانيُّ (29ـ129هـ)، وهوَ منْ ثقات رواية الحديثِ منَ التّابعينَ.
- الأغرُّ أبي مسلم: وهوَ الأغرُّ أبو مسلمٍ المدينيُّ، منْ رواة التّابعينَ الثّقات.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديث إلى فضلِ الاجتماع على ذكرِ الله والمجالسِ، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أنّ المجالسَ الّتي يجتمعُ بها أهلُ الذّكرِ في ذكر الله بالتلاوِة للقرآنِ والحديثِ والذّكرِ والتّسبيحِ والتّهليلِ لها منَ الفضلِ في نزول الملائكة حافينَ لهم بالرّحمةِ والسّكينةِ والطّمأنينة على أهلها، كما يستحقُّ الذّاكرونَ بها ذكرَ الله لهمْ في الملأ الأعلى، وفي هذا يبّينُ النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ فضلها في تهذيب النّفسِ واستقرارها وفي أجر الذّاكرينَ في ما يحصلونَ عليه منَ الأجر والثّوابِ.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- فضلُ ذكرِ الله تعالى وأجره عندَ الله.
- فضلُ مجالسِ الذّكر في حصول السّكينة والطّمأنينة