لقدْ استخلفَ الله تعالى الإنسانَ في الأرض ليعمّرها بما يرضي الله عزّ وجلَّ، وجعلَ لهُ نعمةَ العقلِ ليستغلّها في ذلكَ، ومن الأمورِ الّتي يستخدمها الإنسان في عمارة الأرضِ زراعتها والاستفادةُ منْ نتاجها، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أنَّ منْ أهمِّ ما يعمله الإنسانُ في عمارة الأرضِ هي الزّراعة، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث
أوردَ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ في الصّحيحِ: ((حدّثنا ابنُ نميرٍ، حدّثنا أبي، حدّثنا عبدُ الملكِ، عنْ عطاءٍ، عنْ جابرٍ، قال: قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ: “ما منْ مسلمٍ يغرسُ غرساً إلّا كانَ ما أكِلَ منهُ صدقةً، وما سُرقَ منهُ لهُ صدقةً، وما أكلَ السّبعُ منهُ فهو له صدقةٌ، وما أكلتِ الطّيرُ فهوَ لهُ صدقةٌ، ولا يرزَؤُهُ أحدٌ إلّا كانَ لهُ صدقةٌ”)). رقمُ الحديث:7/1552.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ النّيسابوريٌُّ في الصّحيحِ في كتاب المساقاة، بابُ: (فضلُ الغرسِ والزّرعِ)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيّ الجليلِ جابرٍ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عمرو الأنصاريُّ، وهوَ منَ المكثرينَ في رواية الحديث منَ الصّحابةِ، أمّا بقيّة رجالِ السّندِ فهم:
- ابنُ نمير: وهوَ أبو عبدِ الرّحمنِ، محمّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ نميرٍ الهمدانيُّ (ت: 234هـ)، وهوَ منْ ثقات الحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- أبو ابنِ نميرٍ: وهوَ أبو هشامٍ، عبدُ الله بن نميرٍ الهمدانيُّ (115ـ199هـ)، وهوَ منْ ثقات المحدّثينَ منْ أتباع التّابعينَ.
- عبد الملك: وهوَ عبدُ الملكِ بنِ أبي سليمانَ ميسرةَ العرزميُّ (ت:145هـ)، وهوَ منْ رواة الحديثِ الثّقاتِ منْ أتباع التّابعينَ.
- عطاءٌ: وهوَ أبو محمّدٍ، عطاءُ بنُ أبي رباحٍ أسلمَ القرشيُّ (27ـ114هـ)، وهوَ منَ المحدّثينَ الثّقات منَ التّابعينَ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى فضل الزّرعِ والغرسِ، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ في الحديثِ أنّهُ صدقةٌ إلى يومِ القيامةِ، وما منْ أحدٍ يأكلُ منْ زرعِ المسلمِ إلّا كانَ لهُ صدقةُ وأجرٌ عظيم، حتَّى إذا أكلتِ السّبعُ منهُ والطّيرُ، ولو سُرقَ منهُ كانَ لهُ أجرٌ في ذلكَ، ولو أتْلفَ زرعُ المسلمِ منْ دابّةٍ أو غيرها لهُ صدقةٌ بذلكَ، وفي الحديثِ إشارةٌ إلى فضلِ الزّرعِ في استفادةِ المخلوقاتِ وعمارةِ الأرضِ إلى يوم القيامة.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- فضلُ الزّراعة وغرسِ الأرضِ في عمارتها.
- صدقةُ الزّرع تلحقُ بصاحبها إلى يوم القيامة.