إنَّ القرآنَ الكريم هو كلامُ الله عزّ وجلَّ الّذي أنزلهُ على سيّدنا محمّدٍ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، وتعهّدَ بحفظه إلى قيام السّاعةِ، ولقدْ هيّأ الله تعالى منْ أمّةِ محمّدٍ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ منْ يحفظهُ، وكانَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ يحثُّ على قراءته وحفظهِ، وبيّنُ للصّحابةِ أجرَ القارئ لكتابِ الله، وسنعرضُ حديثاً في فضلِ قارئ القرآن.
الحديث
أوردَ الإمامُ مسلمُ يرحمهُ اللهِ في الصّحيحِ: ((حدّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، وأبو كاملٍ الجّحْدَريُّ كلاهما، عنْ أبي عوانةَ، قال قتيبةُ: حدّثنا أبو عوانةَ، عنْ قتادةَ، عنْ أنسٍ، عنْ أبي موسى الأشعريِّ، قال: قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ: “مثلُ المؤمنِ الّذي يقرأ القرآنَ مثلَ الأتْرُجةِ؛ ريحها طيّبٌ وطعمها طيّبٌ، ومثلُ المؤمنُ الّذي لا يقرأ القرآنَ مثلُ التّمرةِ؛ لا ريحَ لها وطعمها حلوٌ، ومثلُ المنافقِ الّذي يقرأ القرآنَ مثلُ الرّيحانةِ؛ ريحها طيّبٌ، وطعمها مرٌّ، ومثلُ المنافقِ الّذي لا يقرأ القرآنَ كمثلِ الحنظلةِ؛ ليسَ لها ريحٌ وطعمها مرٌّ”)). رقمُ الحديث: 243/797.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ النّيسابوريُّ في الصّحيحِ في كتابِ المساجدِ ومواضعِ الصّلاةِ، بابُ: (فضيلةُ حافظِ القرآن)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أنسِ بنِ مالكِ بنِ النضرِ الأنصاريِّ يرويهِ عنِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي موسى الأشعريِّ عبدِ اللهِ بنِ قيسٍ الأشعريِّ، وكلاهما منَ المكثرينَ في رواية الحديثِ منَ الصّحابةِ، أمّا بقيّةُ رجالِ سندِ الحديثِ:
- قتيبةُ بنُ سعيدٍ: وهوَ أبو رجاءٍ، قتيبةُ بنُ سعيدٍ الثّقفيُّ (148ـ240هـ)، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- أبو كاملٍ الجَحْدريُّ: وهوَ الفضيلُ بنُ الحسينِ بنِ طلحةَ البصريُّ (145ـ237هـ)، وهو منْ رواةِ الحديثِ منْ تبعِ الأتباع أيضاً.
- أبو عوانةَ: وهوَ الوضّاحُ بنُ عبدِ اللهِ اليشكريُّ (122ـ175هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ المحدّثينَ منْ أتباعِ التّابعينَ.
- قتادةُ: وهوَ أبو الخطّابِ، قتادةُ بنُ دِعامةَ السّدوسيُّ (60ـ117هـ)، وهوَ منْ الرّواةِ الثّقاتِ للحديثِ منَ التّابعينَ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ النّبويُّ إلى فضلِ قراءةِ القرآنِ ومنزلةِ وفضلِ قارئهِ، وقدْ ضربَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ لقارئ القرآنِ مثلاُ لأربعةٍ همْ:
- المومنُ القارئ: وقد وصفه النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلام بالأتْرجةِ، والأترجةِ هي نوعٌ منَ الفاكهةِ ذاتُ الرّائحةِ الطّيبة، وذلكَ لما يكونُ لقارئ القرآنِ ممّا يستفيدُ ويفيدُ غيرهُ منْ قراءته.
- المؤمنُ غيرِ القارئ: وقدْ وصفهُ النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ بالتّمرةِ لا رائحةَ لها وطعمها حلو، وذلكَ لأصلِ المؤمنِ الطّيّب لكنّهُ لا يستفيدُ منْ قراءة القرآنِ ولا يفيدُ غيرهَ.
- المنافق القارئ: وقدْ وصفهُ النّبيُّ عليه الصّلاة والسّلام بالرّيحانةِ الّتي ريحها طيّبُ بالقراءةِ، وطعمها مرٌّ لعقيدةِ وإيمانِ المنافقِ الّذي لا يستفيدُ منَ القراءةِ.
- المنافقِ الّذي لا يقرأ: ووصفهُ النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ بالحنظلةِ، والحنظلة هي نوعٌ منَ النّباتاتِ شديدة المرارةِ، وذلكَ صفةُ المنافقِ الّذي لا يقرأ ولا يستفيدُ ولا يفيدُ لمرارةِ عقيدتهِ وبطلانها.
وفي الحديثِ النّبويِّ الشّريفِ ما يجعلُ لقارئ القرآنِ منزلةً كبيرة وفضلٌ كبيرٌ في قراءة كلامِ الله تعالى والتّعبّدِ فيه وإفادةِ النّفسِ والغيرِ في ما يقرأ ويتدبّرُ.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- فضلُ القرآنِ في الهدايةِ والتّهذيبِ ورفعِ درجة قارئه.
- فضلُ قارئ القرآنِ على غيره.