إنّ لليومِ الآخرِ منَ الأهوالِ والأشراطِ العظيمة الّتي بيّنها رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّمَ في الحديثِ النّبويّ، وذلكَ ممّا أوحاهُ له ربُّ العزّة منَ الوحي، وقدْ كانَ الصّحابة رضيَ الله عنهمْ يسألونه عنها ويجيبهم، ومنها النّفخُ في الصّور، والزّمنُ بينَ النّفختينِ، وسنعرضُ حديثاً في ذلك.
الحديث
أوردَ الإمامُ مسلمٌ يرحمهُ الله في الصّحيحِ: ((حدّثنا أبو كريبٍ محمّدُ بنُ العلاءِ، حدّثنا أبو معاويةَ، عنِ الأعمشِ، عنْ أبي صالحٍ، عنْ أبي هريرةَ قال: قالَ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّمَ: “ما بينَ النّفختينِ أربعونَ” قالوا: أربعونَ يوماً؟ قال: أبيتُ. قالوا: أربعونَ شهراً؟ قالَ: أبيتُ. قالوا: أربعونَ سنةً؟. قال: أبيتُ. “ثمّ ينزلُ الله منَ السّماءِ ماءً فينبتونَ كما ينبتُ البقلُ” قال: “وليسَ منَ الإنسانِ شيءٌ إلّا يبلى، إلّا عظماً واحداً، وهوَ عجبُ الذّنبِ، ومنهُ يُرَكّبُ الخلقَ يومَ القيامة“)). رقمُ الحديث: 141/2955.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاج النّيسابوريُّ في الصّحيحِ في كتاب الفتن وأشراط السّاعة، بابُ: (ما بينَ النّفختينِ)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي هريرةَ الدّوسيُّ رضيَ اللهُ عنهُ (ت:57هـ)، وهوَ عبدُ الرّحمنِ بنُ صخرٍ الدّوسيًّ، وهو منْ أكثرِ الصّحابة روايةً للحديثِ النّبويِّ الشّريفِ ، أمّا بقيّةُ رجالِ سندِ الحديث:
- أبو كريبٍ: وهوَ محمّدُ بنُ العلاءِ بنِ كريبٍ الهمدانيُّ (161ـ247هـ)، وهوَ منْ رواة الحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ الثّقات.
- أبو معاويةَ: وهوَ محمّدُ بنُ خازمٍ التّميميُّ (113ـ194هـ)، وهوَ منْ أتباع التّابعينَ الثّقات في رواية الحديث.
- الأعمشُ: وهوَ أبو محمّدٍ، سليمانُ بنُ مهرانَ الأسديُّ الكاهليُّ، والمعروفِ بالأعمشِ (61ـ145هـ)، وهو منْ ثقات المحدّثينَ منَ التّابعينَ.
- أبو صالحٍ: وهوَ ذكوانُ أبو صالحٍ السّمّانُ الزّيّاتُ المدنيُّ (ت: 101هـ)، وهوَ منَ التّابعينَ الثّقات في رواية الحديثِ عنِ الصّحابة.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى مشهدٍ منْ مشاهدِ السّاعةِ وهوَ النّفخُ في الصّورِ، وقدْ بيّن النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّمَ ما بيّنهُ الله تعالى في القرآنِ الكريمِ في شواهدِ الحديثِ أنّ الله يأمرُ الملكَ بالنفخِ في الصّورِ نفختينِ، فيموتُ الخلقُ في الأولى، ويقومونَ في الثّانيةِ للحسابِ، ويوضحُ النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ أنّ ما بينهما أربعونَ، وقدِ امتنعَ الرّاوي أبو هريرةَ رضيَ الله عنهُ عنْ جوابِ السّائلينَ في سؤالهمْ أربعونَ يوماً أوْ شهراً أو سنةً، وذلكَ دلالة على عدمِ سماعه ذلكَ منْ رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّمَ، وذكرَ النّبيُّ أنّ الله يرسلُ ماءً بعد ذلكَ على الخلقِ فينبتونَ منْ جديدٍ بعدما بليتْ كلُّ أجسادهمْ إلّا عظمةُ العصعصِ الّذي يخلقُ منها النّاسِ، فيخرجونَ للحساب.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائد منَ الحديث:
- النّفخُ في الصّور منْ مشاهدِ يومِ القيامة.
- ما بينَ النّفختينِ أربعون مجهولة.