لقدْ كانَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ كثيرُ الذّكر والتّسبيحِ والتهليلِ، وقدْ علّمَ النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّمَ أصحابهُ كثيراً منْ آدابِ الذّكر والتّسبيحِ، وبيّنَ لهمْ فضلَ الذّكرِ، كما بيّنَ لهمْ ما يكونُ في الذّكر منَ التعّوّذ، وسنعرضُ حديثاً في ما كانَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ يتعوّذ منه.
الحديث
أوردَ الإمامُ مسلمُ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: (( حدّثنا يحيى بنُ أيّوبَ، حدّثنا ابنُ عُليّةَ، قال: وأخبرنا سليمانُ التّيميُّ، حدّثنا أنسُ بنُ مالكٍ، قال: كانَ رسولُ الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ يقول: “اللّهمَّ إنّي أعوذ بكُ منْ العجزِ والكسلِوالجبنِ والهرمِ والبخلِ، وأعوذُ بكَ منْ عذابِ القبرِ، ومنْ فتنةِ المحيا والممات”)). رقمُ الحديث:50/2706.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ النّيسابوريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الذّكرِ والدّعاء والتّوبةِ والاستغفارِ، بابُ: (التّعوّذ منَ العجزِ والكسلِ وغيره)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أنسِ بنِ مالكٍ الأنصاريِّ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ خادمُ النّبيِّ عليه الصّلاةُ والسّلام، ومنَ المكثرينَ في رواية الحديث منَ الصّحابةِ، أمّا بقيّةُ رجالِ سندِ الحديث:
- يحيى بنُ أيّوبَ: وهوَ أبو زكريا، يحيى بنُ أيّوبَ البغداديُّ الزّاهدُ (157ـ234هـ)، وهوَ منْ ثقات رواية الحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- ابنُ عليّةَ: وهوَ أبو بشرٍ، إسماعيلُ بنُ إبراهيمَ بنِ مقسمَ الأسديُّ (110ـ193هـ)، وهو منْ ثقات أتباع التّابعينَ في رواية الحديث.
- سليمانُ التّيميُّ: وهوَ أبو المعتمرِ، سليمانُ بنُ طرخانَ التّيميُّ (46ـ143هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ التّابعينَ المحدّثينَ عنِ الصّحابةِ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى أمورٍ كانَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ يتعوّذُ منها في الصّلاةِ والذّكرِ ، وقدْ بيّن الحديثُ النّبويُّ هذه الأمور وهيَ:
- العجزِ والكسلِ: أمّا العجزُ فهوَ عدمُ القدرةِ عنِ العملِ أوْ تركِ ما وجبَ على المسلمِ منَ العباداتِ ونحوها، أمّا الكسل فهو التعاجزُ عنْ فعلها.
- الجبنُ والهرم: أمّا الجبنُ فهوّ عدم الإقدامِ على فعلِ الطاعات والتّقصيرُ فيها والهرمُ ما يكونُ منْ تقصيرٍ بالقوّة في فعلها.
- البخلُ: وهوَ التّقصيرُ بأداء حقوق الله في المالِ.
- عذابُ القبر: ويكونُ منَ الحمايةِ ممّا يلحقُ الإنسانَ في قبره منَ العذابِ قبلَ الحسابِ.
- فتنة المحيا والممات: وهيَ منَ الفتنِ الظّاهرةِ والباطنة والّتي تحولُ بينَ الإنسانِ وربّهِ وتقرّبهُ منَ اقتراف المعاصي.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- شدّةُ فتنة المحيا والممات وفتنة القبر.
- استحباب التعوذ منَ العجز والكسل والجبن والهرم وغيرها.