لقدْ حثَّ الإسلامُ على الزّواجِ لما لهُ منْ آثارٍ تعودُ على المسلمِ في الاستقرارِ والهدوءِ والبعدِ عنِ المحرّماتِ، ولقدْ ثبتَ عنِ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ منَ الشّواهدِ منَ الحديثِ النّبويِّ ما يحثُّ على ذلكَ، وما يبيّنُ أحكامَ الزّواجِ في الإسلامِ وآدابه، وسنعرضُ حديثاً في حثّهِ عليه الصّلاةُ والسّلامُ على الزّواج.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا عمرُ بنُ حفصٍ، حدّثنا أبي، حدّثنا الأعمشُ، قال: حدّثني إبراهيمَ، عنْ علقمةَ، قالَ: كنتُ معَ عبدِ اللهِ فلقيهُ عثمانَ بمنىً، فقال: يا أبا عبدِ الرّحمنِ، إنِّي لي إليكَ حاجةً، فخليا، فقالَ عثمانَ: هلْ لكَ يا أبا عبدِ الرّحمنِ في أنْ نزوّجكَ بكراً تذكّركُ ما كنتَ تعهدُ؟ فلمّا رأى عبدَ اللهِ أنْ ليسَ لهُ حاجةٌ إلى هذا أشارَ إليَّ، فقالَ: أمَا لئنْ قلتَ ذلكَ، لقدْ قالَ لنا النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ: “يا معشرَ الشّبابِ، منِ استطاعَ منكمُ الباءةَ فليتزوّجْ، ومنْ لمْ يستطعْ فعليه بالصّومِ؛ فإنّهُ لهُ وجاءٌ”.)). رقمُ الحديث:5065.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ المذكورُ قدْ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في صحيحه في كتابِ النّكاحِ، بابُ “منِ استطاعَ منكمُ الباءةَ فليتزوَج”، والحديثُ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ منَ الصّحابةِ المكثرينَ في رواية الحديثِ عنْ رسولِ الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، ورجالُ السّندِ الآخرونَ هم:
- عمرُ بنُ حفصٍ: وهوَ أبو حفصٍ، عمرُ بنُ حفصِ بنِ غيّاثَ النّخعيُّ (ت: 222هـ)، وهوَ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ الثّقاتِ في رواية الحديث.
- أبو عمر بنُ حفصٍ: وهوَ حفصُ بنُ غيّاثَ بنِ طلقٍ النّخعيُّ (117ـ194هـ)، وهوَ منَ الثّقاتِ المحدّثينَ منْ أتباع التّابعينَ.
- الأعمشُ: وهوَ أبو محمّدٍ، سليمانُ بنُ مهرانَ الأعمشُ (61ـ145هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ المحدّثينَ التّابعينَ في رواية الحديث.
- إبراهيمُ: وهوَ أبو عمرانَ، إبراهيمُ بنُ يزيدَ النّخعيُّ (46ـ96هـ)، وهوَ منَ المحدّثينَ الثّقاتِ التّابعين في الحديثِ.
- علقمةُ: وهوَ أبو شبلٍ، علقمةُ بنُ قيسٍ النّخعيُّ (ت: 60هـ)، وهو من المحدّثينَ التّابعينَ في رواية الحديث.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ المذكورُ إلى حكمة مشروعيّةِ الزّواجِ في الإسلامِ، وقدْ بيّنَ الحديثُ في القصّةِ المذكورةُ عرضَ الزّواجِ على عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنها وعرضه بعدِ الرّفضِ على علقمةَ النّخعيِّ، وقدْ بيّنَ الصّحابيُّ عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ أنّ النّبيَّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ دعا إلى الزّواجِ كلَّ منْ يستطيعُ الباءةَ وهي القدرةُ على الزّواجِ، ومنْ لمْ يكنْ عندهُ القدرةُ عندهُ فليتّجه إلى الصّيامِ ليدرأ ويكبحَ جماحَ النّفسِ في الوقوعِ في الحرامِ والرّذيلةِ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- الحثُّ على الزّواجِ في الإسلامِ.
- الصّيامُ لمنْ لم يستطع الزّواج .