لقدْ فضّلَ اللهُ تعالى الإنسانَ بعمله الصّالحِ وتقرُّبه إلى الله تعالى، وحذّر الله تعالى منْ معاداةِ أولياء الله تعالى لحبِّ الله تعالى ونصرته لهم، وقدْ جاءَ في الحديثِ النّبويِّ فضلَ أولياءِ اللهِ تعالى، وقرنَ محبّتهمْ في الحديثِ القدسيِّ بفضلِ النّوافلِ الّذينَ يتقرّبونَ إلى الله فيها، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث:
أوردَ الإمامُ البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ منَ الحديثِ القدسيِّ: ((حدّثني محمّدُ بنُ عثمانَ، حدّثنا خالدُ بنُ مخلدٍ، حدّثنا سليمانُ بنُ بلالٍ، حدّثني شريكُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ أبي نَمرٍ، عنْ عطاءٍ، عنْ أبي هريرةَ، قال: قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ: “إنّ الله قال: منْ عادى لي وليّاً فقدْ أذنتهُ بالحربِ، وما تقرّبَ إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ ممّا افترضتُ عليهِ، وما يزالُ عبدِي يتقرّبُ إليَّ بالنّوافلِ حتّى أحبُّهُ، فإذا أحببتُهُ كنتُ سمعَهُ الّذي يسمعُ به، وبصرهُ الّذي يبصرُ به، ويدهُ الّتي يبطشُ بها، ورجْلَهُ الّتي يمشي بها، وإنْ سألَني لأعْطينّهُ، ولئنْ استعاذّني لأعيذنّهُ، وما تردّدتُ عنْ شيءٍ أنا فاعلُهُ تردّدي عنْ نفسِ المؤمنِ يكرهُ الموتَ، وأنا أكرهُ مساءَتهُ”)). رقمُ الحديث: 6502.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمام محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الرّقاق، بابُ: (التّواضعِ)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ منْ أكثرِ الصّحابة روايةً للحديثِ ، أمّا بقيّةُ سندِ الحديث:
- محمّدُ بنُ عثمانَ: وهوَ أبو جعفرٍ، محمّدُ بنُ عثمانِ بنِ كرامةَ العجْليُّ (ت: 254هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ الحديثِ منْ تبعِ أتباعِ التّابعينَ.
- خالدُ بنُ مخلدٍ: وهوَ أبو الهيثمِ، خالدُ بنُ مخلدٍ القطوانيُّ (ت: 213هـ)، وهوَ منْ تبعِ الأتباعِ الثّقاتِ.
- سليمانُ بنُ بلالٍ: وهوَ أبو محمّدٍ، سليمانُ بنُ بلالٍ القرشيُّ (ت: 177هـ)، منْ أتباعِ التّابعينَ الثّقاتِ في رواية الحديث.
- شريكُ بنُ عبدِ الله: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، شريكُ بنُ عبدِ اللهِ القرشيُّ (ت: 140هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ المحدّثينَ منَ التّابعينَ.
- عطاءٌ: وهوَ أبو محمّدٍ، عطاءُ بنُ يسارٍ الهلاليُّ (19ـ94هـ)، وهوَ منَ التّابعينَ الثّقاتِ في رواية الحديث.
دلالة الحديث:
يشير الحديثُ النّبويُّ إلى أمور]ٍمنها:
- عظمُ محاربةِ أولياءِ اللهِ تعالى: وقدْ بيّنَ النبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ منزلةَ أولياءِ اللهِ الّذينَ تقرّبوا إلى اللهِ بالعباداتِ والطّاعةِ حتّى أحبّهمُ اللهُ تعالى بما أحبّوهُ فيه منَ القرباتِ، وبيّنَ أنّ منْ يحبُّه اللهُ تعالى يجبُ أنْ يُتواضعُ معهُ لمنزلته عندَ اللهِ، ووعدَ منْ يعاديهِ بالحربِ.
- وجوبُ الفرائضِ: وقدْ بيّنَ الحديثُ أنّ الفرائضَ منْ أحبِّ ما تقرّبَ به المسلمُ منَ اللهِ وبرهانٌ على عبوديّتهِ تعالى.
- فضلُ النّوافلِ: وذلكَ بدليلِ زيادةِ العبادةِ بعدَ النّوافلِ ودليلُ على انقيادِ العبدِ وتجاوُزُهُ عنْ اجباريةِ العباداتِ المفروضةِ إلى حبِّ العبادةِ والشّعورِ بحلاوةِ الإيمانِ.
- تمثُّلُ نصرةِ اللهِ للعبدِ المتقرّبِ إلى اللهِ: وذلكَ بأنْ يكونَ معهُ في كلِّ حوّاسِّهِ بالهدايةِ والانقيادِ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائدِ المستفادةِ منَ الحديث:
- عظمُ منزلةِ الوليِّ العابدِ للهِ منَ الله تعالى.
- فضلُ النّوافلِ منَ المسلمِ.