إنّ الإيمانَ عندَ أهل العلمِ في الإسلامِ قولٌ وعملٌ واعتقادُ، وإنَّ للعبادِ في العقيدةِ الإسلاميّةِ درجاتٍ متفاوتةً في ذلكَ، فايمانُ العبادِ ينقصُ ويزيدُ، ولقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أنَّ المعاصي تقودُ بالعبدِ إلى نقصانِ إيمانهِ، وأنّها مؤشّرٌ على ذلكَ، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدّثنا ابنُ وهبٍ، قال: أخبرني يونسُ، عنِ ابنِ شهابٍ، قال: سمعتُ أبا سلمةَ بنَ عبدِ الرّحمنِ وابنُ المُسَيَّبِ يقولانِ: قالَ أبو هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ: إنَّ النّبيَّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ قال: “لا يزني حينَ يزني وهوَ مؤمنٌ، ولا يسرقُ السّارقُ حينَ يسرقُ وهوَ مؤمنٌ”)). رقمُ الحديثِ: 5578.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ المذكورُ قدْ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الأشربةِ، بابُ : (الأشربة وقولُ اللهِ تعالى: “إنّما الخمرُ والميسرُ والأنصابُ والأزلامُ رجسٌ منْ عملِ الشّيطانِ فاجتنبوهُ لعلّكمْ تفلحون”)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي هريرةَ رضي اللهُ عنهُ، وهوَ عبدُ الرّحمنِ بنُ صخرٍ الدّوسيِّ، وهوَ منْ أكثرِ الصّحابةِ روايةً للحديثِ عنْ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، أمّا بقيّةُ رجالِ سندِ الحديث:
- أحمدُ بنُ صالحٍ: وهوَ أبو جعفرٍ، أحمدُ بنُ صالحٍ المصريُّ (170ـ248هـ)،وهوَ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ الثّقاتِ في رواية الحديث.
- ابنُ وهبٍ: وهوَ أبو محمّدٍ، عبدُ اللهِ بنُ وهبٍ الفهريُّ القرشيُّ (125ـ197هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ الرّوايةِ للحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- يونسُ: وهو أبو يزيدَ، يونُسُ بنُ يزيدَ بنِ أبي النّجادِ الأيْليُّ (ت: 159هـ)، وهوَ منَ المحدّثينَ منْ أتباع التّابعينَ.
- ابنُ شهابٍ: وهوَ أبو بكرٍ، محمّدُ بنُ مسلمٍ الزّهريُّ (50ـ125هـ)، وهوَ منَ المحدّثينَ الثّقاتِ المشهورينَ منَ التّابعينَ.
- أبو سلمةَ: وهوَ أبو سلمةَ بنُ عبدِ الرّحمنِ القرشيُّ الزّهريُّ (ت: 93هـ)، وهوَ منَ التّابعينَ الثّقاتِ في رواية الحديث.
- ابنُ المسيّبِ: وهوَ أبو محمّدٍ، سعيدُ بنُ المسيّبِ بنِ حزنٍ القرشيُّ (ت: بعدَ 90هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ الرّواةِ للحديثِ منَ التّابعينَ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى أثرِ المعاصي في الإيمانِ ونقصانه، وقدْ بيّنَ النّبيُّ عنْ كبيرةِ الزّنا والسّرقةِ في أثرها في نقصانِ الإيمانِ عندَ صاحبها، وقدْ بيّنَ العلماءُ في معنى ذلكَ أنّه بيانٌ منَ النّبيِّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ في خطورةِ هذه المعاصي، وأنّها لا تجتمعُ في قلبِ المؤمنِ معَ الإيمانِ، وأنّها تقودُ بصاحبها إلى التّساهلِ في أمورِ الكُفرِ والمعصيةِ، وأنّها اجتماعهما عندَ المؤمنِ يقودٌ بصاحبها إلى إخراجه منَ الإيمان.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائدِ المستفادةِ منَ الحديث:
- خطورةُ كبيرةِ الزّنا والسّرقة.
- نقصانُ إيمانِ المؤمنِ بالمعاصي والكبائرِ.