تقوم بعض الجمعيات الخيرية التي تتولى جمع أموال الزكاة وتوزيعها، ببناء دور للأيتام من أموال الزكاة، يستفيد منها الأيتام والفقراء، فيسكنها الأيتام لفترات معينة ثم يتركونها ويأتي غيرهم، كما تنتهي ملكية هذه الأموال لأصحابها، وتنتقل إلى ملكية الجمعيات الخيرية التي تُعنى برعاية الأيتام، وإذا تم بيعها يعود ثمنها لحساب صندوق أموال الزكاة، ويُصرف على الفقراء والمحتاجين من الأصناف الذين حددهم الشرع لمصارف الزكاة، فما حكم بناء دار الأيتام من مال الزكاة؟
شروط صرف أموال الزكاة:
اشترط الشرع شروط خاصة فيما يتعلق بصرف أموال الزكاة، وهي أن تُعطى للمصارف المحددة لاستحقاق أموال الزكاة، إضافة إلى اشتراط تمليكها لهم، وإعطائهم حق التصرف فيها بما يعطيهم فرصة توفير احتياجاتهم وتلبية متطلباتهم، وأن يتم إخراج هذه الأموال وتسليمها لمستحقيها وقت وجوب الزكاة، مع عدم تأخيرها قدر الإمكان، وخاصة إذا توفر المال، ووُجد المستحق، ولم يجد صاحب المال أي عذر لتأخير الزكاة.
وليُسجل صاحب المال، أو وكيله سواء كان شخصاً أو جمعية خيرية، براءة ذمته أمام الله تعالى من حق الفقراء والمحتاجين في أموال لزكاة، عليه الالتزام بما يتعلق بإخراج الزكاة من شروط وأحكام، لبلوغ الغاية المقصودة من جعل الزكاة فريضة على المسلمين في أموالهم.
حكم بناء دار الأيتام من مال الزكاة:
لا يجوز بناء دور الأيتام من أموال الزكاة، لكن يصح بناؤها من أموال الصدقات والتبرعات، أي من غير أموال الزكاة؛ لأنّ بناء دار الأيتام من أموال الزكاة لا يُحقق بعض الشروط اللازمة لإخراج مال الزكاة، فلا يُحقق بناء دار الأيتام للفقراء شرط تحقيق الملكية لهم، كما أنهم لا يقبضون المال فور وجوب إخراجه.
كما أنه ليس كل يتيم فقير، فقد يكون الفرد يتيماً، لكن لا يستحق لأموال الزكاة؛ لأنه ليس فقيراً ويملك المال، ولا يستحق اليتيم شيئاً من أموال الزكاة والصدقات، إلّا إذا كان فقيراً أو محتاجاً، أي من الأصناف المحددين لاستحقاق أموال الزكاة، فقال تعالى في سورة التوبة آية 60: “إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ“.
ويستحق اليتيم أن يأخذ من أموال الزكاة إذا تحقق فيه وصف واحدة من أصناف مصارف الزكاة، على أن يتم تمليكه للمال فور وجوبه، ويتصرف فيه كيفما يشاء.
وتختلف أموال الزكاة عن الأموال الخاصة بالصدقات التطوعية والتبرعات، في أنّ أموال الزكاة لا يُمكن صرفها إلّا للأصناف المستحقة، وبالشروط الواجب توافرها في كيفية إخراج مال الزكاة، أمّا أموال الصدقات والتبرعات فيجوز استخدامها في أي مشروع خيري، يمكن استغلاله في خدمة الأفراد المسلمين وخاصة المحتاجين، ثم في المجتمع الإسلامي بشكل عام.