اقرأ في هذا المقال
من أبواب التدبر: التأمل فيما يسميه العلماء ب ( دلالة الاقتران)، أي دلالة عطف الكلمة على كلمة، ودلالة مجيئها معها واقترانها بها، وهو باب لطيف من أبواب التدبر، وفيه فوائد جمّة.
وسنذكر في هذه المقالة بعض الأمثلة على القاعدة المهمّة، التي تُبين المراد بها:
المثال الأول: تأمل قوله تعالى كيف قرن بين أكل الطيبات وعمل الصالحات في قوله تعالى: ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُوا۟ مِنَ ٱلطَّیِّبَـٰتِ وَٱعۡمَلُوا۟ صَـٰلِحًاۖ إِنِّی بِمَا تَعۡمَلُونَ عَلِیمࣱ﴾ [المؤمنون ٥١]، فأكل الحلال الطيب ممّا يُعين العبد على فعل الطاعات، كما أنّ أكل الحرام أو الوقوع في الشبهات، ممّا يثقل العبد عن فعل الصالحات.
المثال الثاني: بُشرى لمن يسعى في طلب الرزق الحلال بالتجارة ونحوها، ذكرها الله تعالى في قوله (وَءَاخَرُونَ یَضۡرِبُونَ فِی ٱلۡأَرۡضِ یَبۡتَغُونَ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَءَاخَرُونَ یُقَـٰتِلُونَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِۖ ﴾ [المزمل ٢٠] فقد كان الصحابة يتأول من هذه الآية فضيلة التجارة والسفر لأجلها، حيث قرن الله بين المجاهدين والمكتسبين المال الحلال؛ وذلك أنّ الله ذكر هذين السببين لنسخ تحديد القيام إلّا تنويهاً بهما؛ لأنّ في غيرهما من الأعذار ما هو أشبه بالمرض.
المثال الثالث: قوله تعالى ﴿فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا﴾ [النصر ٣] جمع بين التسبيح والاستغفار؛ إذ في الاستغفار محو الذنوب، وفي التسبيح طلب الكمال.
المثال الربع: (ٱللَّهُ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هو) قال بعدها (ٱلۡحَیُّ ٱلۡقَیُّومُۚ) فبعد أن ذكر استحقاقه للعبودية ذكر سبب ذلك وهو كمال نفسه، وكماله لغيره فلا تصلح العبادة إلّا لمن هذا شأنه ﴿وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱلۡحَیِّ ٱلَّذِی لَا یَمُوتُ ﴾ [الفرقان ٥٨].