لقدْ كانَ لرُواةِ الحديثِ النَّبويِّ الشَّريف مكانَةً كبيرَةٌ وفَضْلٌ عَظيمٌ في نَقْلِ مصدرِ الدِّينِ الإسْلامِيّ بعدَ القُرْآنِ الكَريمِ، وقدْ تنافَسَ عُلَماءَ الأمَّةِ في تَعلُّمَِ الحديثِ ونَقْلِهِ عبرَ الأجْيالِ المتتَالِيَةِ منْ زَمنِ صحابَةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلّم إلى وَقْتنا الحاضِرِ عبرَ منْهجيَّةٍ خاصَّةٍ في التَّثَبُّتِ والرِّوايَةِ والتَّصْنيفِ، وها نَحْنُ نَبْحَثُ عنْ أسْمائِهم وسيرِهَم حتَّى وَصْلنا إلى البَصْرَةِ حيثُ إقامَةِ الرَّاوِي المُحَدِّثِ قُرَيْشِ بنِ أنَسٍ البَصْرِيِّ، فتعالُوا نَقْرأُ في سيرَتِهِ معَ الحديثِ النَّبويِّ الشَّريفِ.
نبذة عن قريش بن أنس:
هوَ: الرَّاوِي المُحَدِّثُ، أَبو أنَسٍ البَصْرِيُّ، قُرَيْشُ بنُ أنَسٍ الأنْصارِيُّ، منْ رُواةِ الحديثِ النَّبويِّ الشَّريفِ منْ جيلِ أتْباعِ التَّابعينَ، منْ أهلِ البَصْرَةِ بالعِراقِ، منْ رواةِ الحديثِ الثِّقاتِ، وقيلَ أنَّهُ اخْتَلَطَ بِنهايَةِ عُمْرِهِ، أقامَ بالبَصْرَةِ وأدْركَ كثيراً منَ التَّابعينَ ورَوَى الحديثَ عنْهمْ، وكانتْ وفاتُهُ عليْهِ رَحْمَةُ اللهِ في العامِ الثَّامِنِ بعدَ المائَةِ الثَّانِيَةِ منَ الهِجْرَةِ النَّبويَّةِ.
روايته للحديث:
كانَ الرَّاوِي المُحَدِّثُ قُرَيْشُ بن أنَسٍ البَصْرِيُّ منْ رواةِ الحديثِ النَّبويِّ منْ طَبَقَةِ أتْباعِ التَّابعينَ، وقدْ رَوَى الحديثَ عنْ كثيرٍ منَ المُحَدِّثينَ منْ أمْثالِ: شُعْبَةَ بنِ الحَجَّاجِ وحمَّادِ بنِ سَلَمَةَ وحميدٍ الطَّويلِ عبدِ اللهِ بنِ عوْنٍ وأَشْعَثُ بنُ عبدِ المَلِكِ الحَمَرانِيِّ وحبيبِ بنِ الشَّهيدِ ومُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو وسُليمانَ التَّيْمِيِّ وغيرِهم يرْحَمُهُمُ اللهُ.
أمَّا منْ رَوَى الحديثَ منْ طريقِ قُرَيْشِ بنِ أنَسٍ البَصْرِيِّ فمِنْهُمْ: مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ وأبو قِلابَةَ الرُّقاشِيُ وعبدُ اللهِ بنُ أَبي الأَسْوَدِ وأحْمَدُ بنُ عُثْمانَ النَّوْفَلِيُّ وأبُو موسَى مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى وإسْحاقُ بنُ إبْراهيمَ بنِ حبيبٍ البَصْرِيُّ وهارُونُ بنُ عبدِ اللهِ والوَليدُ بنُ شُجاعٍ الكُوفِيُّ وغيرُهمْ يرْحَمُهُمُ اللهُ.
منْ رِوايَةِ قريش بن أنس للحديث:
مِمَّا جاءَ منْ رِوايَةِ الحديثِ منْ طريقِ الرَّاوي قُرَيْشِ بنِ انَسٍ ما أوْرَدَهُ الإمامُ مُسْلِم بن الحَجَّاجِ يرْحَمُهُ اللهُ في الصَّحيحِ في كِتابِ القَسَامَةِ والمُحاربينَ: (( حدَّثَنا أحْمَدُ بنُ عُثْمانَ النَّوْفَلِيُّ، حدَّثَنا قُرَيْشُ بنُ أنَسٍ، عنِ ابنِ عوْنٍ، عنْ مُحَمَّدِ بنِ سيرِينَ، عنْ عِمْرانَ بنِ حُصَيْنٍ، أنَّ رَجُلاً عَضَّ يدَ رَجُلٍ، فانْتَزَعَ يَدَهُ، فَسَقَطَتْ ثَنِيَّتُهُ ـ أوْ ثَنَاياهُ ـ فاسْتَعْدَى رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، فقالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ: ( ما تَأْمُرُنِي؟ تَأْمُرُنِي أنْ آمُرُهُ أنْ يَدَعَ يَدَهُ في فِيكَ تَقْضَمُها كَمَا يَقْضَمُ الفَحْلُ؟ ادْفَعْ يَدَكَ حتَّى يَعَضَّها، ثُمَّ انْتَزِعْها ). رقمُ الحديثِ 1673/21 )).