تنوّعت المعاملات المالية في النظام المالي الإسلامي، فيما اقتضت به حاجات الناس للاستعانة بغيرهم وتوفير متطلباتهم، ولكن ضمن حدود وضوابط، يجب الالتزام بها وعدم تعديها، كما وضع علماء فقه المعاملات المالية أحكام وشروط مواصفات كل معاملة من المعاملات المشروعة، وفي هذا المقال سنتعرّف على إحدى المعاملات المالية المشروعة في الفقه الإسلامي، وهي الإجارة، فما معنى الإجارة؟ وما حكمها؟
تعريف عقد الإجارة:
عقد الإجارة هو عقد مالي يتم عقده على أساس تبادل منفعة بمال، أو تمليك لمنافع الأشياء مقابل الحصول على تعويض مالي. وهي أن يقوم صاحب العين (المؤجر) بتأجيرها للمستأجر على أن ينتفع منها بمنفعة محددة، ولفترة زمنية متّفق عليها، مقابل مقدار معلوم من المال.
ومن عقود الإجارة ما يتم إنشاؤه على الأشياء فيُسمّى (إجارة الأشياء)، ومنها ما يُنشأ على الأشخاص فيُسمّى (إجارة الأشخاص) أو (منافع الآدمي) وتُعرف في التشريع (بعقد العمل)، أما عقود الإجارة التي تعقد على الأراضي والبيوت فتُسمّى (كراء)، والهدف من هذا التقسيم تكريم الإنسان وعدم مساواته بالسلع والأعيان، وعدم جعله سلعة خاضعة للقوانين التجارية والاقتصادية فيما يتعلّق بالعرض والطلب.
حكم عقد الإجارة:
إنّ عقد الإجارة من العقود المشروعة في فقه المعاملات المالية، اعتماداً على ما دلّ عليها من أدلة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، والإجماع والمعقول، وفيما يلي توضيح ذلك:
- القرآن الكريم: قوله تعالى في سورة الطلاق الآية 6: “فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ”. وقوله تعالى في سورة القصص الآية 26: “قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ”.
ودلّت هذه الآيات أنّ الإجارة من المعاملات المعروفة في كل العصور، وهي مشروعة وضرورية للخلق، وفيها مصالح اجتماعية منها التعاون والترابط بين الأفراد في المجتمع الإسلامي.
- السنة النبوية: وردت أحاديث كثيرة فيما يتعلق بإجارة الأشياء، وإجارة العمل، نذكر منها: حديث الرسول _عليه الصلاة والسلام_: “مَن اسْتَأجَرَ أَجيراً فليُعلِمهُ أجرهُ”. ومنها السنة التقريرية حيث بُعث النبي _عليه الصلاة والسلام_ وكان الناس يؤاجرون ويستأجرون ولم يُنكر عليهم ذلك. وفي حديث آخر عن استئجار الأشخاص، قول النبي _صلى الله عليه وسلم_: “أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه”.
- الإجماع: أجمع علماء الفقه في كل عصر ومن كل مصدر أن عقد الإحارة من العقود المشروعة، وهي جائزة عند جميع الفقهاء.
- المعقول: الكثير من الناس الذين يملكون الأعيان من البيوت والأراضي والآليات، والتي لا يقدرون على استثمارها، أو العمل بها، ومنهم من لا يحتاج لاستعمال ما يملك من تلك الأعيان، بالمقابل هناك مَن يحتاج لمثل هذه اأعيان ولكن غير قادر على توفيرها، وكل ذلك يقود إلى السبب الذي يدفع الناس للجوء إلى عقود الإجارة والتعامل بها.
صفة عقد الإجارة:
عقد الإجارة هو عقد يمكن وصفه بما يلي:
- عقد معاوضات.
- عقد ملزم للطرفين.
- عقد يقوم على الرضا.
- عقد من العقود المسماة، التي ذُكرت في كتب الفقه.
- عقد يقوم على منافع الأشياء غير القابلة للاستهلاك.
- عقد يتم تحديده بأجل.
- عقد منفعة.
- عقد يُنشئ التزامات شخصية.
- عقد يتضمن حق الانتفاع للمستأجر من العين، ما دامت تبقى على ما هي عليه.