الأصل في عقود البيع أن يكون المبيع معلوماً بالمواصفات والمقدار، أو على الأقل أن يكون معلوماً علماً يُنافي الجهالة، فلا يصح عقد بيع أُنشئ على جهالة، ولكن قد يحتاج الناس في بعض الأوقات وبسبب ظروف أو أحداث معينة أن يستغني عن معرفة مقدار المبيع إذا كان من المعدودات أو المكيلات، لذلك استُثني بيع الجزاف من شرط معرفة مقدار المبيع، فما معنى بيع الجزاف؟ وما هي أحكامه وشروطه؟ هذا ما سنتعرّف عليه في هذا المقال بإذن الله تعالى.
معنى بيع الجزاف:
بيع الجزاف هو عقد بيع على مبيع (سلعة) مما يُكال أو يُعد أو يُوزن، ولكن على بيع جملة دون معرفة الوزن أو العدد أو المقدار، رغم اشتراط معرفة عين السلعة المباعة، وظهور صفاتها ومقدارها في عقود البيع، إلّا أنّ بيع الجزاف من البيوع المستثناة في عدم وجود هذا الشرط، وذلك يعود لحاجة الناس وتيسير أمورهم.
حكم بيع الجزاف:
بيع الجزاف من عقود البيع التي أجازها الفقهاء في المعاملات المالية، واستدلّوا على ذلك بحديث الصحابي ابن عمر رضي الله عنهما، عندما قال: “كنا نشتري الطعام جُزافاً، فنهانا رسول الله _صلّى الله عليه وسلّم_ أن نبيعه حتى ننقله من مكانه” صحيح مسلم.
وفي رواية أخرى، أنه رضي الله عنه قال: “رأيت الناس في عهد رسول الله _صلّى الله عليه وسلّم_ إذا ابتاعو الطعام جزافاً يضربون في أن يبيعوه في مكانه، وذلك حتى يؤووه إلى رحالهم” صحيح مسلم.
ولذلك اتّفق الفقهاء على أن عقد بيع الجزاف من البيوع المشروعة بسبب كثرة الروايات التي دلّت على وجود مثل هذا البيع في زمن النبي _عليه الصلاة والسلام_.
شروط بيع الجزاف:
- رؤية السلعة المباعة وقت إنشاء العقد.
- أن يكون المبيع من غير الأموال الربوية إذا بيعت بجنسها.
- أن يكون العاقدان على جهالة في مقدار المبيع أو وزنه أو عدده.
- أن يكون المبيع موضوعاً على أرض مستوية ليظهر للمشتري.
- وقوع المشقة فية عد المبيع أو وزنه أو كيله.
الجزاف في الأموال الربوية:
ومما يتعلق ببيع الجزاف من أحكام، عدم جواز بيع المال الربوي بمثله جزافاً، بسبب عدم ضمان التماثل في مقدار المبيعين، كما لا يجوز التخمين أو التقدير في بيع الأموال الربوية.
كما اتفق الفقهاء على ثبوت الخيار لصالح البائع في حال زيادة مقدار المبيع عن الثمن، وكذلك للمشتري في حال نقصان مقدار المبيع عن الثمن، وهذا في حالة تقدير الطعام وبيعه مقابل مقدار من المال النقدي.