ما هو تعريف الإيلاء في الإسلام؟

اقرأ في هذا المقال


تعريف الإيلاء:

الإيلاء في اللغة: وهو الحلف مُطلقاً سواء كان على ترك قربانِ الزوجة أم على شيءٍ آخر مأخوذة من آلى يؤلي إيلاء، وكذلك إذا حلف على فعل شيءٍ أو تركه، ومنه قوله تعالى:”وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ” النور:22. فكان الرجل في الجاهلية إذا غضب من زوجته يحلف أن لا يطأها السنة والسنتين، أو لا يطأها أبداً، ويمضي في يمينه من غير لوم أو حرج، وقد تقضي المرأة عمرها كالمعلقة، فلا هي زوجة تتمتع بحقوق الزوجة، ولا هي مطلقة تستطيع أن تتزوج برجلٍ آخر فيُغنيها الله من سعته، فلما جاء الإسلام أنصف المرأة.
الإيلاء في الاصطلاح: وهو الامتناع باليمين من وطء الزوجة ويستوي في اليمين بالله أو بالصوم أو بالحج أو الطلاق، وعرفه علماء آخرون، بأنه” أن يحلف الزوج بالله تعالى أو بصفةٍ من صفاته التي يحلف بها ألا يقرب زوجته أربعة أشهر أو أكثر أو أن يعلق على قربانها أمراً فيه مشقة على نفسه، وكذلك كأن يقول الرجل لزوجته والله لا أقربك أباً أو مدة حياتي أو والله لا أقربك ولا يذكر مدة وهذه صورة الحلف بالله تعالى وصورة التعليق، فهو أن يقول إن
قربتك فلله عليّ صيام شهر، أو حج أو إطعام عشرين مسكين أو نحو ذلك ممّا يكون فيه مشقة على النفس، فإذا قال الزوج شيئاً من هذا اعتبر قوله إيلاء.
أما إذا امتنع الرجل من قربان زوجته بدون يمين، فإنه لا يكون إيلاء، ولو طالت مدة الامتناع حتى بلغت أربعة أشهرٍ أو أكثر، بل يُعتبر سوء عشرة يُبيح لزوجته طلب الفرقة عند بعض الفقهاء، إذا لم يكن هناك عذر يمنع قُربانها، وكذلك لو حلف الزوج بغير الله تعالى كالنبي عليه الصلاة والسلام والولي ألا يقرب زوجته، فإنه لا يكون إيلاء؛ لأن الإيلاء يمين، والحلف بغير الله تعالى ليس يميناً شرعاً لقوله عليه الصلاة والسلام”من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت”. صحيح البخاري. وهو قول المالكية والشافعية.
وخالف في ذلك الحنابلة فقالوا: الإيلاء: لا يكون إلا بالحلف بالله تعالى، أما التعليق على الطلاق، أو العتق أو المشي إلى بيت الله تعالى على قربان الزوجة فإنه لا يكون إيلاء. وحجة من قال بالتعليق وهم الحنفية والمالكية والشافعية في الجديد وأحمد بن حنبل في رواية أن التعليق على ما يشق على النفس يمنع من قربان الزوجة خوفاً من وجوبه، فيكون إيلاء كالحلف بالله تعالى والتعليق وإن كان لا يسمى قسماً شرعاً ولغة ولكنه يسمى حلفاً عرفاً.
وخلاصة هذا القول: بأنه ذهب الجمهور إلى أن الإيلاء لا يكون إلا بالحلف على ترك قربان الزوجة أكثر من أربعة أشهر، والتعليق يكون على أمرٍ فيه مشقة على النفس، أما لو كان أمراً ليس فيه مشقة على النفس كصلاة ركعتين أو إطعام مسكين لا يكون إيلاء، وكذلك لو كانت المدة التي حلف على ترك قربان الزوجة فيها أقل من أربعة أشهر لا يعتبر إيلاء، وذلك لقوله تعالى:”لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ۖ“البقرة:226. فالله تعالى هنا ذكر الإيلاء في حكم الطلاق مدةً مقررة وهي أربعة أشهر، فلا يكون الحلف على ما دونها إيلاء في هذا الحكم.

حكم الإيلاء وما يترتب عليه من طلاق ونوع الطلاق والعدة:

  • حكم الطلاق: إذا حلف الزوج ألا يقرب زوجته ثم مسها في الأربعة الأشهر، انتهى الإيلاء ولزمته كفارة اليمين، وإذا قضَت المدة ولم يُجامعها، فيرى جمهور العلماء أن للزوجة أن تطالبه إما بالوطء أو بالطلاق، فإن امتنع عنها فيرى الإمام مالك أن للقاضي أن يطلق عليه دفعاً للضرر عن الزوجة، ويرى الإمام أحمد والشافعي وأهل الظاهر أن القاضي لا يطلق وإنما يضيق على الزوج ويحبسهُ حتى يطلقها بنفسه، وأما الأحناف فيرون أنه إذا مضت المدة ولم يجامعها، فإنها تطلق طلقةً بائنة بمجرد مضي المدة ولا يكون للزوج حق المراجعة؛ لأنه أساء في استعمال حقه بامتناعه عن الوطء بغير عذر، ففَوت حق زوجته وصار بذلك ظالماً لها.
  • نوع الطلاق الذي يقع بالإيلاء: الطلاق الذي يقع بالإيلاءِ طلاق بائن؛ لأنه لو كان رجعياً لأمكن الزوج أن يجبرها على الرجعة؛ لأنه حق له، وبذلك لا تتحقق مصلحة الزوجة ولا يزول عنها الضرر، وهذا مذهب أبي حنيفة النعمان. وذهب فريق آخر من العلماء ومنهم الإمام مالك والشافعي وهو رأي الإمام سعيد ابن المسيب وأبو بكر بن عبد الرحمن إلى أنه طلاقٌ رجعي؛ ولأنه لم يقم دليل على أنه بائن، ولأنه طلاق زوجة مدخول بها من غير عوض، وهذا ما تبين لي مناسبته مع المصلحة العامة للرجل والمرأة.
  • عدة الزوجة المولى عنها: وقد ذهب الجمهور إلى أن الزوجة المولى منها تعتد كسائر المطلقات؛ لأنها مطلقة، وقال بعض أهل العلم ومنهم جابر بن يزيد وابن عباس رضي الله عنه، لا يلزمها عدة إذا كانت قد حاضت في مدة الأربعة الأشهر ثلاث حيضات، وحجتهم أن العدة إنما وضعت لمعرفة براءة الرحم، وهذه قد حصلت براءة.

أركان الإيلاء وحالة انعقاده:

إن من أركان الإيلاء ما يلي:

  • الحالف: وشرط في الحالف أن يكون زوجاً، مكلفاً مختاراً يتصور منه الجماع، فخرج بلفظ الزوج، السيد والأجنبي، وبلفظ المكلف غير المكلف مثل الصبي والصّغير وبلفظ المختار المكره وبلفظ يتصور منه الجماع المجبوب، والأشلّ، أما العَنيين فيصحُ إيلاؤهُ، لأن وطأهُ مرجو.
  • المحلوف به: والمحلوف به على الجديد يكون واحداً من ثلاثة أمور:
    – اسم من أسماء الله تعالى أو صفة من صفاته.
    – تعليق على طلاق أو عتق.
    – التزام ما يلزم بالنذر صلاة وصوم وغيرها من القربات. أما في القديم فاشترط في الصيغة أن تكون اسماً من أسماء الله تعالى أو صفة من صفاته فقط.
  • المحلوف عليه: ترك وطئ شرعي، فلا يعتد بالإيلاء بحلفه على امتناعه من تمتعه بغير وطء ولا من وطئها في دبر أو في نحو حيض أو إحرام، وخرج بذلك أيضاً من إلى زوجته وهي رتقاء أو قرناء، فلا يصح إيلاؤه؛ لأنه لا يتصور الوطء أصلاً، ولأنه لا يتحقق قصد الإيذاء والإضرار بالزوجة لامتناع الأمر في نفسه، وكذلك الصغيرة التي لا يتمتع بها.
  • مدة الإيلاء فوق أربعة أشهر والحكمة من تحديد هذه المدة: فقد شرعت لأمر جبلي وهو قلة الصبر عن الزوج لذلك لم يفرق بين الحر والعبد فيها، قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، وهذه المدة حق للزوج كالأجل في الدين المؤجل حق للمدين، وعليه إذا كانت الزوجة في عدة طلاق رجعي فيضرب لها أربعة أشهر من الرجعة؛ لأنها حق للزوج ولا يشترط للمدة حكم حاكم بل يمهل الزوج أربعة أشهر؛ لأنها ثابتة بالنص والإجماع، ويشترط للمدة حكم حاكم بل يمهل الزوج أربعة أشهر؛ لأنها ثابتة بالنص والإجماع ويشترط في المدة حتى يعتبر الإيلاء أحد أمرين:
    – أن تكون المدة مطلقة كقوله والله لا أطؤك ويسكت أو يقول والله لا أطؤك أبداً.
    – أن تكون المدة مقيدة بأكثر من أربعة أشهر وبناءً على ذلك يخرج اللفظ من الإيلاء، إذا قيده بأربعة أشهر وبناءً على ذلك يخرج اللفظ من الإيلاء، إذا قيده بأربعة أشهر أو أقل ويصبح يميناً منعقدة.
  • الصيغة: ويشترط في الصيغة لفظ يشعر بإيلاء أما صريح كقوله والله لا أجامعك، وكالوطء أيضاً أو لفظ كتابة كقوله والله لا أمسك، فالملامسةِ والمباضعةِ والمباشرة منها أيضاً، واللفظ الصريح لا يحتاج إلى نية الإيلاء، أما ألفاظ الكتابة فتفتقرُ لنية الوطء؛ لأن لها حقائق غير الوطء.
  • الزوجة: وهي التي يتصور وطؤها فلو آلى رتقاء أو قرناء لم يصح الإيلاء كما مر، ويجوز الإيلاء من الزوجة قبل الدخول وبعده، أما الصغيرة التي لا يمكن وطؤها فلا يعتبر الإيلاء بحقها قائماً، ولكن تضرب لها المدة المعبرة عن احتمالها الوطء ويقصد هنا الزوجة أو الزوجات، فيقع الإيلاء على المجموع كما يقع على الواحدة.

الإيلاء في حالة الغضب:

لقد اختلف الفقهاء في هذا إلى عدة أقوال:
الأول: يصحُ الإيلاء في الغضب والرضا وهو قول جماعة من السلف وإليه ذهب أبو حنيفة والشافعي مستدلين بقوله تعالى:”لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ۖفَإِن فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ” البقرة:226. حيث شملت الآية من حلف بقصد الإضرار أو بقصد المصلحة.
الثاني: الإيلاء لا يكون إلا على وجه المغاضبة والإضرار بالزوجة وهو قول جماعة من السلف منهم علي رضي الله عنه والحسن البصري وعطاء والليث وإليه ذهب مالك، والحجة لهم ما روي عن علي كرم الله وجهه أنه سئل عن رجل حلف أن لا يطأ امرأته حتى تفطم ولدها ولم الإضرار بها وإنما قصد مصلحة الولد فقال له أردت الخير وإنما الإيلاء في الغضب.


شارك المقالة: