ما هو حكم طلب الخلع؟

اقرأ في هذا المقال


حكم طلب الخلع:

إنّ من المقرر في الشريعة الإسلامية، بأنّ الطلاق بيد الرجل، وهو الذي يتصرف فيه، وهو الذي يتحمل تبعاتهُ، وأمّا المرأة فليس من حقها ذلك، ولكن هل يعني ذلك أنّ الإسلام ترك المرأة أسيرةً بيد الرجل لا حول لها ولا طول تجاه تصرفاته وإرادته.

فالشريعة الإسلامية قد أعطت المرأة الحق في طلب الخلع من زوجها في حالة شعورها أنّها لا تحقق في الحياة معه هدف الزواج، فقرر لها حق مناقشة الرجل أو مصالحته أو الاتفاق معه على إنهاء الرابطة الزوجية بينهما لقاء دفعها مالاً للزوج افتداءً لنفسها منهُ.

الحالات التي يجوز للزوجة فيها طلب الخلع من زوجها:

هناك حالاتٌ يجوز للزوجة أن تطلب الخلع من زوجها وهي كما يلي:

1- إذا كان بالزوج عيبٌ يمنعها من الانسجام والميلِ إليه، ومن ذلك ما وقع في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، فقد روى الحاكمُ في مستدركهِ، عن عكرمة: كان  ابن عباس يقول: إنّ أول خلعٍ كان في الإسلام أختُ عبد الله بن أبيّ: أنّها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: يا رسول الله، لا يجمعُ رأسي ورأسهُ شيءٌ أبداً، إنّي رفعت جانب الخباءِ فرأيتهُ أقبلَ في عدة، فإذا هو أشدهم سواداً وأقصرهم قامة وأقبحهم وجهاً، قال زوجها: يا رسول الله إني أعطيتها أفضل مالي حديقة، فإن ردّت عليّ حديقتي قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : ما تقولين؟ قالت: نعم وإن شاء زدتهُ، ففرق بينهما.

2- إذا أضر الزوج زوجتهُ، مثل أن يهجرها في الفراش أو يضربها من غير ما سببٍ. ويدلُ على ذلك ما جاء في رواية الطبري: “إنّ حبيبة بنتُ سهلٍ كانت تحت ثابت بن قيس، فضربها فكسر نغصها، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الصبح، فاشتكتهُ، فدعا عليه الصلاة والسلام ثابتاُ، فقال: “خذ بعض مالها وفارقها”.

وليس هناك فرق بين الضرر الذي يلحق بالزوجة سواء كان حسياً مثل الضرب أو معنوياً مثل فسق الرجل إن تضررت منه، أو نفورها منه وبُغضها له. فقد جاء في الإنصاف: “إذا ترك الزوج حق الله، فالمرأة في ذلك مثل الزوج تتخلصُ منهُ بالخلع. فقال ابن رشد: جُعل الخلع بيد المرأة إذا فركت الرجل”. وهذا هو ما دلّ عليه رواية البيهقي، في حديثٍ ثابت مع زوجته، فقال: “أتت امرأة النبي عليه الصلاة والسلام وقالت، إنّي أبغضُ زوجي وأحب فراقهُ؟ قال: أتردين عليه حديقته التي أصدقك؟ قالت: نعم وزيادة” سنن البيهقي.

3- إذا خافت على نفسها الوقوع في إثم العقوق ومخالفة أوامر الزوج الذي لا تحبه. جاء في رواية البخاري: “إنّ امرأة ثابت بن قيس جاءت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس لا أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال عليه الصلاة والسلام: أتريدين عليه حديقته، قالت نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقبل الحديقة، وطلقها تطليقةً” رواه البخاري.

4- إنّ الزواج رابطة هامة والزوجة مثل الرجل، فإذا رأت في زوجها ما لو رآه هو فيها لطلقها، فكان من عدل الإسلام أن شرع لها طلب الخلع من زوجها.

متى يجوز للزوج أخذ الفدية وطلب مخالعة زوجته؟

إنّ للزوجة حالات يجوز لها فيها طلب الخلع، فكذلك للرجل حالات يجوز له طلب الخلع وأخذ الفدية فيها من زوجته أهمها ما يلي:

إذا حصل الشقاق من جهة المرأة أو منهما معاً وتعذر الوصول إلى حلّ للمشكلة التي بينها.

إذا أتت الزوجة بفاحشة. قال أبو قلابة وابن سيرين: لا يجوز أخذ الفدية حتى يرى على بطنها رجلاً، واستدلا بقوله تعالى: “ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ “النساء:19. ويبدو أن قولهما يناقضُ حديث ثابت بن قيس وزوجته، ويجيب ابن حجر العسقلاني عن هذا الإشكال: بأنه إذا كان النشوز من قبل الرجل بأنّ عضلها لتفتدي منه فلا يجوز، إلّا أن يراها على فاحشة وليست عنده بيّنة وهو لا يجب أن يفضح أمرها، ويسيء إلى سمعة الأسرة، ففي هذه الحالة: يجوز أن يفتدي منها ويأخذ ما تراضينا عليه ويطلقها. وليس مخالفٌ لحديث ثابت بن قيس؛ لأنّه ورد فيما  إذا كانت الكراهية من قبلها فقط دون الزوج.

إذا عصت أوامر زوجها وفعلت ما يغضبهُ كقوله له: لا أطيع لك أمراً، ولا أغتسل لك من جنابة، ولا أبرِ لك قسماً، وكراهة الزوج للزوج مسوغ لأخذه الفدية منها. وقال بعضهم بجواز الخلع حتى إذا كانت الحال عامرةً، والأخلاق مستقيمةً، وليس بينها نشوز أو كراهيةً.


شارك المقالة: